رأى خبراء أن بلايين الدولارات، التي تعهدت دول خليجية بتقديمها إلى مصر في الأيام الأخيرة، لا توفر سوى جرعة إنعاش لبلد على شفير الإفلاس، وتضاف الأزمة السياسية الحالية إلى صعوبات اقتصادية كبيرة. فقد اشتكى ملايين المصريين الذين طالبوا برحيل المعزول محمد مرسي، خصوصاً من أنه ترك الاقتصاد ينحرف عن مساره، وتسبب بارتفاع كبير في نسب التضخم والبطالة، بالإضافة إلى شح كبير في المحروقات. لكن المناخ الذي فرضه الوضع الأمني وعدم الاستقرار السياسي، قلّل من احتمال عودة السياح، الذين يمثلون أول مصدر للمداخيل في البلاد، وكذلك الاستثمارات الأجنبية التي انهارت إثر سقوط نظام حسني مبارك في بداية عام 2011. والمفاوضات التي تراوح مكانها منذ سنتين مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بقيمة 4،8 بليون دولار، قد لا تنتهي لأن البلد لا يزال من دون حكومة ومن دون خطة إصلاحية. واعتبر المحلل المالي أندرو كانينغهام أنه "حتى ولو تم التوصل إلى اتفاق بشأن القرض، فلا أعتقد أن ذلك سيترجم بتدفق الاستثمارات، فالبلد يعيش ضائقة منذ عام 2011، وقد شهد للتو انقلاباً عسكرياً وتطلق النيران على الناس في الشوارع. ويصعب الحديث عن وجود إطار يجذب الاستثمارات". ولفت المحلل في مؤسسة "اغريتل" الفرنسية سيباستيان بونسوليه إلى أنه "في هذا البلد البالغ عدد سكانه 84 مليون نسمة، يعيش شخص من أصل 4 دون عتبة الفقر ولا يستمر على قيد الحياة إلا بفضل القمح المدعوم من الدولة، والذي يتم شراء القسم الأكبر منه من الخارج". قد تسمح الأموال الخليجية، المقدمة من الإمارات والسعودية والكويت، قد تسمح للبلد بمواصلة استيراد منتجات أساسية جداً في الأشهر المقبلة، لا سيما القمح أو بعض أنواع المحروقات مثل الديزل. لكن كانينغهام رأى أن "ضخ أموال من الخليج، ليس حلاً على المدى الطويل، فالبلد تلقى خلال العام المنصرم بلايين الدولارات من قطر لم تسمح سوى بتأجيل مواعيد الاستحقاقات"، وقال إن "الأمر ليس سوى علاجات بسيطة. التحديات ضخمة وهي بنيوية. الاقتصاد المصري يشهد سوء إدارة منذ عقود ولم يعالج هذا الأمر في عهد مرسي". وتشير الإحصاءات الأخيرة، إلى زيادة قوية في معدل البطالة، الذي بلغ 13،2 في المئة من عدد اليد العاملة الفعلية، مقابل 8,9 في المئة قبل 3 أعوام. ويرى كثيرون أن هذه الأرقام الرسمية دون الواقع بكثير.