بدا أمس أن الحكم الموقت في مصر يسير في مسارين: الأول ترتيب البيت من الداخل بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، بتشكيل حكومة جديدة تحظى بتوافق، والثاني محاولة التوصل إلى تسوية سياسية مع جماعة «الإخوان المسلمين». ودعا رئيس الحكومة المعيّن الدكتور حازم الببلاوي فور تكليفه جماعة «الإخوان» إلى المشاركة في حكومته لكنها رفضت التعاون مع ما اعتبرتها «سلطة غير شرعية». لكن مصدراً قيادياً في جماعة «الإخوان» قال إن اتصالات جرت بين مسؤولين في الدولة وقادة الإخوان بدأت من خلال وسطاء وارتقت إلى اتصالات مباشرة من «أجل تهدئة الأجواء». وأوضح أن «تلك الاتصالات مرت بمنعطفات وكادت أن تفشل لا سيما عندما وقعت الاشتباكات في محيط الحرس الجمهوري» (أوقعت عشرات القتلى والجرحى). وأقر المصدر بأن الجماعة تلاحظ «تراجع الدعم الدولي» لحكم مرسي منذ خلعه وأن «الإخوان» يعرفون أن الأمور من الصعب الآن أن تعود إلى ما قبل 30 حزيران (يونيو) - التظاهرات الميلونية المطالبة بعزل مرسي والتي استجاب لها الجيش بعد ثلاثة أيام. وتابع أن هذه المعطيات تجعل الجماعة منفتحة على ما يطرح عليها وهي تولي اهتماماً أكبر بمستقبل التنظيم في العملية السياسية. وكشف المصدر ل «الحياة» عن تسوية يجري الاعداد لها وتضمن للإخوان المسلمين عدم الملاحقة والانخراط بشكل طبيعي في الحياة السياسية، إضافة إلى إطلاق الرئيس المعزول محمد مرسي، في مقابل التهدئة وسحب الجماعة أنصارها من الميادين بشكل تدريجي. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبد العاطي أكد في مؤتمر صحافي أمس أن مرسي «في مكان آمن ولا اتهامات ضده حتى الآن» و «يعامل باحترام». وفي موازاة ذلك بدأ رئيس الحكومة الجديد حازم الببلاوي مشاورات تشكيل حكومته. وعلمت «الحياة» أنه استقر على تعيين الخبير الاقتصادي الدكتور زياد بهاء الدين نائباً له للشؤون الاقتصادية ورئيس المجموعة الاقتصادية، كما تم الاستقرار على استمرار الوزارات السيادية - الدفاع عبدالفتاح السيسي والداخلية محمد ابراهيم والخارجية محمد كامل عمرو - إضافة إلى وزراء: البيئة خالد فهمي والمجالس النيابية حاتم بجاتو والسياحة هشام زعزوع والاتصالات عاطف حلمي، وكلهم من التكنوقراط غير المحسوبين على أحزاب، وكانوا تقدموا باستقالتهم إلى رئيس الحكومة السابق هشام قنديل مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية التي اطاحت «حكم الإخوان». ومن المتوقع أن تنتهي تسمية الوزراء خلال اليومين المقبلين، تمهيداً لأداء القسم القانوني أمام الرئيس الموقت عدلي منصور. وكان الببلاوي دعا الأحزاب السياسية إلى تقديم ترشيحاتهم للحقائب الوزارية، كما دعا حزبي «الحرية والعدالة» و «النور» السلفي إلى المشاركة في الحكومة، ما أظهر أنها ستكون مزيجاً بين الحزبيين والتكنوقراط. وفي هذا الإطار، اعتبر الناطق باسم «النور» إبراهيم أباظة أن إعلان حزبه الانسحاب من خريطة الطريق ليس معناه «عدم إبداء الرأي أو تقديم ترشيحات»، وقال ل «الحياة»: «سنتقدم بمجموعة من المرشحين للحقائب الوزارية لكن من غير المنتمين إلى الحزب»، مشدداً على ضرورة أن تكون الحكومة المقبلة «من التكنوقراط المستقلين وألا تكون حزبية». وعلى النهج نفسه سار القيادي في «جبهة الإنقاذ» عمرو حمزاوي إذ أكد ل «الحياة» أن «موقفنا كان تشكيل حكومة تكنوقراط تشكّل على أساس الكفاءات، ومن دون الدخول في المحاصصة الحزبية، حتى لا يقال إننا أزحنا حزباً وأتينا بمجموعة من الأحزاب الأخرى مكانه». وقال: «نريد حكومة مستقلة من الكفاءات». لكن نائب رئيس «الحزب المصري الديموقراطي» الدكتور عماد جاد شدد ل «الحياة» على انه «لا يجب الوقوف أمام الكفاءات لمجرد انتمائهم إلى أحزاب»، مؤكداً أن اختيار الببلاوي وزياد بهاء الدين جاء على أساس كفاءتهم. من جانبه قال الناطق باسم «حزب مصر» وليد عبدالمنعم: «الرئاسة طالبتنا بالتقدم بترشيحات للحكومة الجديدة، وأبرز الترشيحات التي تقدمنا بها: المستشار نبيل عزمي لوزارة القوى العاملة، والمهندس أحمد بلبع لوزارة السياحة، ووزير الشباب السابق المهندس خالد عبدالعزيز لوزارة الشباب». وعلى النهج نفسه سار الأمين العام المساعد في حزب «المؤتمر» حسام الدين علي الذي أكد ل «الحياة أن حزبه أرسل لائحة ترشيحات تضم المطالبة بعودة وزير الخارجية السابق محمد العرابي إلى المنصب نفسه «كما أبدينا تأييدنا لترشيح زياد بهاء الدين، إضافة إلى مجموعة أخرى من الترشيحات للتكنوقراط». في غضون ذلك، أدى المستشار هشام بركات الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة أمس اليمين القانونية أمام الرئيس الموقت عدلي منصور، نائباً عاماً لمصر، خلفاً للمستشار الدكتور عبدالمجيد محمود الذي تقدم بطلب لمجلس القضاء الأعلى لإعفائه من منصبه. والتقى الرئيس الموقت أمس أيضاً وفداً من نقابة الصحافيين ترأسه النقيب ضياء رشوان، حيث تعهد منصور لهم بالعمل على إلغاء عقوبة السجن في قضايا النشر واستبدالها بالغرامة، وقرر إحالة الملف على مستشاره القانوني تمهيداً لإعداد تشريع بذلك. وقال الأمين العام المساعد للنقابة هشام يونس إن الرئيس قال لأعضاء المجلس والنقيب «لا أتصور وجود تهمة اسمها إهانة رئيس الجمهورية، فالرئيس يعامل كأي مواطن عادي». وأضاف يونس «أبلغنا الرئيس اعتراضاتنا على الإعلان الدستوري، ورد الرئيس قائلاً إن أي شيء يعد بسرعة تكون فيه أخطاء، وأنه كان لا بد من إيصال رسالة بأننا تولينا الحكم وفقاً للدستور وليس انقلاباً».