ظهرت أمس بوادر مشجعة إلى دعم متزايد يلقاه الحكم الجديد في مصر، رغم الاحتقان المستمر لدى أنصار جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفائها بعد عزل الرئيس محمد مرسي، خصوصا بعد تأكيد تعيين القيادي في جبهة الانقاذ محمد البرادعي نائبا للرئيس للشؤون الخارجية ووزير المال السابق حازم الببلاوي رئيسا للحكومة الانتقالية. وسارعت واشنطن إلى إعلان دعمها خريطة طريقة أعلنتها الرئاسة المصرية للخروج من المرحلة الانتقالية وتضمنت مواعيد لإجراء انتخابات نيابية ورئاسية يُفترض أن تتم كلها بحلول نيسان (ابريل) العام المقبل، ما يعني بصورة واضحة أن الجيش لا يعتزم إدارة شؤون الدولة وأن ما قام به لم يكن انقلاباً، بعكس ما تقول جماعة «الإخوان». وتزامن الترحيب الأميركي مع دعم خليجي واضح للحكم المصري الجديد. إذ قال وزير المال السعودي إبراهيم العساف لوكالة «رويترز» إن المملكة وافقت على تقديم حزمة مساعدات لمصر بخمسة بلايين دولار تشمل بليوني دولار وديعة نقدية في البنك المركزي وبليوني دولار أخرى منتجات نفطية وغاز وبليون دولار نقداً. وجاءت الخطوة السعودية بعد ساعات من قيام وفد إماراتي رفيع المستوى بزيارة رسمية للقاهرة، هي الأولى من نوعها لوفد أجنبي منذ عزل مرسي، وتم خلالها الإعلان أن الإمارات قدمت لمصر ثلاثة بلايين دولار هي بليون دولار هبة وبليونان وديعة لدى المصرف المركزي المصري. وقال مسؤول أميركي إن الولاياتالمتحدة ترى أن وضع الحكومة الموقتة في مصر «خطة للمضي قدماً» تتضمن إجراء انتخابات برلمانية في غضون ستة أشهر تقريباً هو أمر مشجع، لكنه أوضح أن رد فعل بلاده سيتسم بقدر من الحذر إزاء خطة الانتخابات. وبدا أمس أن السلطة في مصر تتحدى جماعة «الإخوان» بالإسراع من وتيرة ترتيب المرحلة الانتقالية، فأعلنت تكليف الخبير الاقتصادي حازم الببلاوي لرئاسة الحكومة الانتقالية، وعيّنت المنسق العام ل «جبهة الإنقاذ الوطني» محمد البرادعي نائباً للرئيس، وذلك بعد ساعات فقط من إصدار إعلان دستوري حدد ملامح خارطة طريق يتم بموجبها تسليم السلطة قبل نهاية نيسان (أبريل) المقبل. وأصدر الجيش بياناً فُهم أن الغرض منه توجيه رسائل عدة إلى «الإخوان»، إذ شدد على أن معالم الطريق «واضحة، مرسومة ومقررة، وليس لأي طرف أن يخرج على إرادة الأمة ورؤاها لمستقبلها»، بعدما حذّر من أن الشعب والقوات المسلحة لن يسمح «لأحد أن يتجاوز حد الصواب... ومن ثم يعرّض الوطن ويعرّض المواطنين لما لا بد من تجنبه». وأكد أنه يقف «حيث يريد الشعب». وقال البيان إن القوات المسلحة «تعرف أن الشعب المصري يثق في جيشه، مطمئناً إلى حسن فهمه لمطالب الشعب وفي القدرة على تحمل المسؤولية، حتى يتمكن الشعب بإرادته الحرة من اختيار طريقه نحو المستقبل». وكان الرئيس الموقت عدلي منصور أصدر مساء أول من أمس إعلاناً دستورياً، حدد فيه خارطة زمنية لانتقال السلطة، ونص على تشكيل لجنة قانونية بقرار رئاسي، خلال 15 يوماً، تختص ببحث الاقتراحات بإجراء تعديلات على الدستور المعطل، على أن تنتهي من عملها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تشكيلها، أي قبل نهاية الشهر المقبل، قبل أن تعرض تلك اللجنة (القانونية) مقترحات التعديلات على لجنة أخرى للحوار المجتمعي تنتهي من إعداد المشروع النهائي للتعديلات الدستورية خلال ستين يوماً، أي قبل نهاية تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، ليعرض الرئيس الموقت بعدها التعديلات الدستورية على الاستفتاء الشعبي خلال ثلاثين يوماً. كما ألزمت التعديلات الرئيس بالدعوة لانتخاب مجلس النواب (البرلمان) خلال خمسة عشر يوماً من الاستفتاء على الدستور، أي قبل منتصف كانون الأول (ديسمبر) المقبل، كما ألزمته بالدعوة لإجراء انتخابات رئاسية خلال أسبوع على الأكثر بعد انعقاد البرلمان الجديد أي قبل مطلع آذار (مارس) المقبل. ويعني الإعلان الدستوري أن الرئيس الموقت عدلي منصور سيسلم السلطة إلى الرئيس الجديد قبل منتصف نيسان (أبريل) المقبل، حيث إن الاستحقاق الرئاسي سيحتاج إلى شهر على الأقل للانتهاء منه. وبينما تحفظت القوى السياسية المؤيدة لخارطة الجيش، عن الإعلان الدستوري لمنحه الرئيس الموقت صلاحيات واسعة، منها سلطة التشريع وفرض حال الطوارئ، لكن الجيش أظهر في بيانه دعمه لخارطة الطريق، إذ قال: «سيادة رئيس الجمهورية الموقت والموقر، أصدر إعلاناً دستورياً يغطي المرحلة الانتقالية، وقد أعلن معه جدول مواقيت محددة لكل خطوة على النحو الذي يحقق ويكفل إرادة الشعب». وأضاف الجيش: «معنى ذلك أن معالم الطريق واضحة، مرسومة ومقررة، تعطي للجميع ما هو أكثر من الكفاية للطمأنينة إلى أن بناء المسيرة تتقدم على نحو واثق وشفاف على طريق معرفة الحق، والتزام شروطه، وليس لأي طرف بعد ذلك أن يخرج على إرادة الأمة ورؤاها لمستقبلها، لأن مصائر الأوطان أهم وأقدس من أن تكون مجالاً للمناورة أو للتعطيل مهما كانت الأعذار والحجج، ولن يرضى شعب مصر بذلك، ولن تقبل به القوات المسلحة»، الأمر الذي ردت عليه جماعة «الإخوان المسلمين» بإعلان رفضها الإعلان الدستوري الجديد وتبعاته واعتبرته «باطلاً لأنه صدر عن غير ذي صفة شرعية». وقالت الجماعة، في بيان: «هذا الإعلان يقطع بأن الانقلابيين العسكريين الديكتاتوريين لا يحترمون الشعب ويعتبرون أنفسهم أوصياء عليه، وهم مجموعة صغيرة، إضافة إلى أنه محظور عليهم التدخل في السياسة وبذلك يكونون قد اقترفوا جرائم مركبة»، كما وصف البيان من وافقوا على الإعلان بأنهم «مجموعة من الانتهازيين المتلونين المنقلبين على ما يزعمونه مبادئهم من احترامهم لإرادة الشعب وللديموقراطية».