بدا أمس أن جماعة «الإخوان المسلمين» تواجه خطر «أيام عصيبة» إذا ما تمسكت بقرارها عدم التعاون مع الإدارة الجديدة التي أعلنتها المؤسسة العسكرية خصوصاً في ظل التحفظ على الرئيس المعزول محمد مرسي وطاقم معاونيه والإعلان عن أنه سيخضع مع قيادات في الجماعة للتحقيق يوم الاثنين المقبل بتهمة إهانة القضاء. وفي وقت أُعلن عن توقيف المرشد العام ل «الإخوان» وعدد من قادة الجماعة، بدت ملامح خريطة الطريق التي أعلنها الجيش أول من أمس تتضح، بعدما أدى رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور اليمين القانونية رئيساً موقتاً للبلاد. وهناك من يرى أن منصور سيكون بمثابة «رئيس شرفي» يقود البلاد خلال المرحلة الانتقالية، في حين علمت «الحياة» أن المنسق العام ل «جبهة الإنقاذ» محمد البرادعي مرشح بقوة لرئاسة الحكومة الانتقالية التي سيتم منحها صلاحيات واسعة في إدارة شؤون البلاد، في حين أن الإدارة العسكرية ستتولى الملف الأمني. ويُتوقع أن يصدر منصور إعلاناً دستورياً غداً (السبت) يتضمن حل مجلس الشورى، الورقة الأخيرة في يد «الإخوان المسلمين»، على أن يتولى منصور بنفسه سلطة التشريع، وآلية لتشكيل لجنة قانونية لتعديل مواد الدستور الذي عطّله الجيش موقتاً. وأفيد بأن خريطة الطريق ستبدأ بإجراء تعديل الدستور، يتلوها إجراء انتخابات رئاسية في حدود ستة أشهر، وتنتهي بانتخابات نيابية مقترح لها قبل منتصف العام المقبل. وكان رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور أدى صباح أمس اليمين القانونية رئيساً موقتاً للبلاد، معتبراً أن تكليفه «جاء من الشعب المصري الذي يملك السلطة». وقال: «تلقيت أمر تكليفي ممن يملك إصداره وهو شعب مصر العظيم السيد والقائد ومصدر كل السلطات بعد أن قام في 30 يونيو بتصحيح مسار ثورته المجيدة». وأضاف أن «أنبل ما في هذا الحدث أنه جاء تعبيراً عن ضمير الأمة وتجسيداً لطموحاتها وأمانيها ولم يكن دعوة إلى تحقيق مطالب خاصة أو مصالح شخصية». وأكد منصور أنه انتهت «إلى غير رجعة عبادة الحاكم التي تخلق منه نصف إله وأن تسقط كل أنواع القدسية والحماية والحصانة التي يضفيها الضعفاء على الرؤساء... فلا نعود نعبد من دون الله جل جلاله صنماً أو وثناً أو رئيساً». وتعهد إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية «بإرادة شعبية حقيقية غير مزيفة وذلك هو المدخل الآمن الوحيد من أجل غد أكثر إشراقاً وأرحب حرية وأوفى ديموقراطية وأوفر عدلاً وأكثر وعياً وأطهر سلوكاً تتحقق فيها رفعة الوطن وعزة الشعب». وقال القيادي في جهة الإنقاذ الوطني عمرو حمزاوي ل «الحياة» إن «قوى المعارضة والشباب توافقوا على البرادعي مرشحاً للحكومة الانتقالية»، مشيراً إلى أن مشاورات تجرى في الأروقة لتشكيل الحقائب الوزارية. كما أعلنت حركة «تمرد» التي أطلقت شرارة الاحتجاجات التي أطاحت حكم الإخوان ترشيحها للبرادعي رئيساً للحكومة، فيما أكد رئيس حزب النور الدكتور يونس مخيون أن حزبه يجري اتصالات مكثفة مع جميع القوى السياسية الإسلامية وغيرها من أجل إجراء مصالحة وطنية شاملة، وطي صفحة الماضي وبناء مستقبل أفضل لمصرنا الحبيبة، بحسب بيان مقتضب. لكن حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية ل «الإخوان المسلمين» أعلن رفضه التعاطي مع الإدارة الجديدة التي وصفها ب «المغتصبة للسلطة». وانتقد الحزب في بيان نشره على موقعه الرسمي وزير الدفاع الذي «عطَّل الدستور وعزل رئيس الجمهورية المنتخب، وقام بتعيين قيادة لإدارة البلاد وأعطى صلاحية إصدار إعلانات دستورية لقيادة غير منتخبة تُقسم اليمين في حماية الدبابات والمدرعات». وأعلن أنه «سيقف بكل حسم ضد هذا الانقلاب العسكري»، ولن يتعاون مع إدارة البلاد الحالية المغتصبة لسلطة الحكم، وسيظل يعمل لعودة الشرعية مع كل القوى الرافضة للانقلاب، مطالباً كل القوى الشعبية والحزبية بإعلان مواقفها الواضحة القاطعة «إما مع إرادة الشعب الحرة أو مع انقلاب عسكري كامل على الإرادة الشعبية»، الأمر الذي ردت عليه جبهة الإنقاذ الوطني بتحية القوات المسلحة و «انحيازها» إلى إرادة غالبية الشعب المصري، وأكدت أن ما تشهده مصر ليس انقلاباً عسكرياً بأي مقياس. وقالت الجبهة في بيان: «نثق تماماً في التزام القوات المسلحة بأن دورها سيظل وطنياً في الأساس، وليس سياسياً، بهدف استعادة الاستقرار والأمن وتلبية حقوق المصريين الاقتصادية والاجتماعية». في غضون ذلك، عُلم أنه تم التحفظ على الرئيس السابق محمد مرسي وعائلته وطاقم عمله في مقدمهم مساعده عصام الحداد ومدير مكتبه السابق أحمد عبدالعاطي، داخل مقر الحرس الجمهوري، لحين التصرف في شأنهم، وأنه قطع عنهم الاتصال بالخارج. وكانت السلطات الأمنية اعتقلت مساء أول من أمس رئيس «الحرية والعدالة» سعد الكتاتني، ونائب مرشد الإخوان رشاد البيومي، قبل أن تعلن مصادر أمنية أمس عن توقيف المرشد العام الحالي محمد بديع، وسلفه مهدي عاكف. وعلم أن أمراً صدر بتوقيف نائب المرشد خيرت الشاطر، إضافة إلى عشرات من قادة الجماعة. وأصدر مستشار للتحقيق في وقائع الإساءة للسلطة القضائية ورجالها، قراراً بإدراج اسم مرسي و8 متهمين آخرين غالبيتهم من قيادات الإخوان المسلمين، بالمنع من السفر ووضع أسمائهم على قوائم المنع من مغادرة البلاد وترقب الوصول، على أن يبدأ التحقيق معهم اعتباراً من الاثنين المقبل في قضية اتهامهم بسب وإهانة السلطة القضائية ورجالها. والمتهمون في هذه القضية هم بالإضافة إلى مرسي والكتاتني وعاكف، محمد البلتاجي عضو مجلس الشعب السابق، وعضو مجلس الشورى صبحي صالح، وزميله محمد جمال جبريل، وطاهر عبدالمحسن أحمد سليمان وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشورى، وعصام سلطان عضو مجلس الشعب السابق، ومحمد العمدة عضو مجلس الشعب السابق.