أعلن رئيس مجلس الأمة الجزائري عبدالقادر بن صالح، بطريقة غير مباشرة، ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة في الجزائر، بعدما نفى أن يكون صاحب جنسية مكتسبة أو ذا أصول غير جزائرية، في حديث له هو الأول من نوعه عن جوانب في حياته الشخصية. وفهم مراقبون خروج بن صالح عن صمته بخصوص إمكانية توليه رئاسة الجمهورية في شكل دستوري أنه بداية ترويج له كمرشح مفترض للرئاسيات. وحينما يذكر المراقبون قائمة الشخصيات المرشحة للرئاسيات المقبلة لطالما ذكر فيها عبد القادر بن صالح، وهو الأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديموقراطي، ثاني أكبر أحزاب الموالاة من حيث عدد المقاعد في البرلمان. وانتشرت إشاعات كثيرة عن بن صالح روّجها بعض خصومه عن «أصوله المغربية» وامتلاكه جنسية مكتسبة وليست أصلية، ما يعني عدم أهليته لتولي منصب رئيس الجمهورية ولا حتى خلافة الرئيس بوتفليقة في حال إعلان عدم قدرة الأخير صحياً عن الاستمرار في منصبه. وذكر عبد القادر بن صالح في مقابلة مع جريدة «الخبر»الجزائرية: «إذا كنتم تريدون معرفة من أنا (فاذهبوا) إلى قرية المهراز (دائرة فلاوسن في ولاية تلمسان وتبعد 500 كلم غرب العاصمة) وافتحوا دفاتر سجلات الحالة المدنية في البلدية واسألوا من تريدون. أين ولدت وأين أفراد عائلتي ولدوا هم الآخرون وأين مدافنهم وأين توجد الأراضي التي تركها لي آبائي وأجدادي». وأضاف: «يقول مروجو هذه الإشاعات المغرضة إنني اكتسبت الجنسية في منتصف الستينات. وأقول إن الجزائر دولة تسير بقوانين. ومراسيم الجمهورية تنشر في الجريدة الرسمية ويقرأها العام والخاص. فهل يوجد من يوفر لي العدد والتاريخ الذي صدر فيه مرسوم التجنس هذا؟». وليس من عادة عبد القادر بن صالح الخوض في جدل على علاقة بإمكانية ترشحه للرئاسيات، لذلك وصف خروجه في هذا الظرف بالذات أنه «بداية ترتيب لمرشح جهة ما في السلطة». ويرتبط سباق الترشيحات بتعرض بوتفليقة لنوبة صحية خلفت حالة ترقب حذر في أوساط السياسيين وحتى المعارضين، بما أن مستقبل بوتفليقة على رأس الدولة يبقى مجهولاً حتى وإن رشحت كثير من الدوائر أن يدفع العارض الصحي الرئيس لعدم الترشح مجدداً. ولاحظ مراقبون «تواري» المدافعين عن الولاية الرابعة في عز هذه المستجدات ترقباً لما هو قادم. وتتداول دوائر متنفذة في شكل أوسع موضوع الانتخابات الرئاسية المبكرة، ويبدو أن هذا السيناريو كان محضراً حتى قبل مرض بوتفليقة المفاجئ. ويعتقد أيضاً أن الدائرة المتنفذة في السلطة قد تطرح مرشحها، وهو تقليد رئاسي تنتقده المعارضة وتعتبره سطواً على الإرادة الشعبية. وينتظر أن يتم تنظيم انتخابات رئاسية نيسان (ابريل) 2014، وقبل ذلك ينتظر تعديل الدستور الذي تطالب المعارضة بأن يتضمن تحديد عدد الولايات الرئاسية باثنتين كما كان قبل أن يغيره بوتفليقة في 2008، ليعاد انتخابه لولاية ثالثة في 2009. ويشاع أن بوتفليقة طلب من اللجنة التي تشرف على مراجعته أن تنهيه قبل منصف مايو (أيار) الماضي من باب الاستعجال في إصداره، لكن الانتكاسة الصحية للرئيس أجلت «ورشة» الدستور لأجل غير محدد. ورئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور هو الوحيد الذي أعلن ترشحه في شكل رسمي للرئاسيات المقبلة. ويذكر بن بيتور في كل تصريحاته أنه ليس مرشحاً للجيش ولا أي جهة أخرى. أما بالنسبة الى المؤسسات الحزبية فالجبهة الوطنية الجزائرية هي الحزب الوحيد الذي أعلن مرشحه وهو رئيس الحزب نفسه موسى تواتي. ومن العروف أيضاً ان رئيس الوزراء عبد المالك سلال يمثل خيار بوتفليقة بخصوص الخلافة، ولكن تياراً آخر مدعوماً بدوائر نافذة يفضل بدوره تقديم علي بن فليس رئيس الحكومة السابق مرشحاً عن الوطنيين. وتضم القائمة أيضاً رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش وأحمد أويحيى. وفي المقابل تنقل مراجع حزبية إسلامية نية «التكتل الأخضر» الذي يضم ثلاثة أحزاب هي حركة مجتمع السلم، حركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني، دخول الرئاسيات بمرشح يمثل هذا التيار ويكون نتاج خيار محلي تزكيه مجالس الشورى. والأقرب الى إجماع الإسلاميين في الفترة الراهنة هو عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم الذي تولى رئاسة الحزب منذ شهرين فقط خلفاً لأبو جرة سلطاني الذي كان يمثل تيار «المشاركة» بحكم دعمه الرئيس بوتفليقة لفترتين انتخابيتين.