أعادت زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى تونس، التي انتهت أول من أمس، العلاقات التونسية - الفرنسية إلى طبيعتها بعد الفتور الذي اعتراها منذ إطاحة الرئيس السابق زين العابدين بن علي، عندما دعمت حكومة الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي نظام بن علي حتى آخر يوم في حكمه. ويدلل مراقبون وسياسيون على نجاح زيارة هولاند، وهي الأولى لرئيس فرنسي بعد الثورة التونسية، بالإشارة إلى الاتفاقيات التي خرجت بها المحادثات بين البلدين على جميع الأصعدة، خصوصاً الاقتصادي والتجاري، إذ أعلن هولاند عن تحويل جزء كبير من ديون تونس المستحقة لفرنسا، (حوالى 1,3 بليون دولار)، إلى مشاريع تنموية في المناطق الفقيرة من تونس. كما دعا هولاند السياح الفرنسيين إلى زيارة تونس من أجل مساعدتها على إنجاح الموسم السياحي، حيث تعتبر السياحة من أهم الموارد التي تعتمد عليها الخزانة التونسية. وتضمنت زيارة هولاند تونس لقاءات سياسية مع مختلف القوى السياسية. فبعد الكلمة التي ألقاها أمام المجلس التأسيسي عقد الرئيس الفرنسي لقاءات مع قيادات المعارضة التونسية، مثل الباجي قائد السبسي رئيس حركة «نداء تونس» ونجيب الشابي زعيم «الحزب الجمهوري» وحمة الهمامي الناطق الرسمي ل «الجبهة الشعبية» وأحمد إبراهيم رئيس حزب «المسار الديموقراطي». وفي المقابل لم يتم لقاء خاص بين هولاند وراشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» الإسلامية الحاكمة، بل اكتفى الرئيس الفرنسي بلقاء رئيس الحكومة والقيادي في «النهضة» علي العريض بصفته الحكومية، إضافة إلى عدد من الوزراء. ويرى مراقبون أن سياسة فرنسا، في ظل حكم الاشتراكيين، تسعى إلى توطيد علاقاتها مع المعارضة الليبرالية والمجتمع المدني في تونس من أجل الضغط على الحكومة، خصوصاً في شأن الحريات وحقوق الإنسان. لكن كثيراً من التونسيين يرى أن زيارة هولاند جاءت في الأساس من أجل إعادة نفوذ فرنسا في المنطقة وتعزيز علاقاتها بالقوى السياسية المختلفة التي أفرزها الربيع العربي، بينما يقول البعض إنها تعتبر دعماً لحكومة «النهضة».