أعلن خبراء صندوق النقد الدولي مقترحات تتعلق بإحدى أبرز مهمات «مجلس النقد الخليجي» الذي أقر مجلس التعاون الخليجي تشكيله، وتتمثّل بتحديد أسعار صرف عملات الدول الأعضاء المرتبط معظمها بالدولار في مقابل العملة الخليجية الموحدة المقترحة، مشددين على أهمية توخي الحذر في التعامل مع مبادرات تعديل أسعار الصرف، لقطع الطريق على المضاربة بالعملات وتجنب عواقبها الوخيمة. وخلُص الخبراء الدوليون في دراسة نشرها الصندوق الثلثاء، إلى أن عملات الدول الأعضاء الأربع التي لا تزال ملتزمة بمشروع الوحدة النقدية، السعودية والكويت وقطر والبحرين، تحتاج إلى زيادة أسعار صرف عملاتها في مقابل الدولار بنسب متفاوتة يحددها الموعد الفعلي لإطلاق العملة الموحدة وتراوح بين 2.5 و5.5 في المئة. وفي حال قررت الدول الأعضاء المضي في إطلاق العملة الموحدة في موعدها الأصلي المقرر عام 2010، فإن معادلة العملات الوطنية تتطلب من الرياض زيادة سعر صرف الريال السعودي بنسبة 2.49 في المئة. وتحددت نسبة الزيادة المطلوبة للدينار البحريني ب 3.30 في المئة والريال القطري ب 4.45 بينما بلغت نسبة الزيادة المقترحة لسعر صرف الدينار الكويتي 5.41 في المئة. ولفت الخبراء إلى أن مقدار الزيادات المطلوبة في أسعار الصرف ترتفع أو تنخفض في الأعوام اللاحقة وفقاً للعملة وموعد التطبيق، إذ ترتفع تدرجياً في حال الريال السعودي والدينار البحريني لكنها تنخفض تدريجياً أيضاً بالنسبة إلى الريال القطري والدينار الكويتي وهو الوحيد الذي فك ارتباطه بالدولار في 2007 لمصلحة سلة عملات يشكل الدولار أحد عناصرها الرئيسة. وترتفع نسبة التعديل المطلوبة للريال السعودي في مقترحات خبراء صندوق النقد باطراد إلى 2.73 في المئة في 2011 ومن ثم إلى 3.04 في المئة في 2012 وإلى 3.35 في المئة في 2013. وبالمثل ترتفع نسب تعديل سعر صرف الدينار البحريني إلى 3.60 في المئة في 2011 وإلى 3.95 في المئة في 2012 وأخيراً إلى 4.295 في المئة في 2013. في المقابل تنخفض نسبة زيادة سعر صرف الدينار الكويتي المطلوبة لمعادلته بالعملة الموحدة في 2011 إلى 4.75 في المئة وتستمر بالانخفاض إلى 4.25 في المئة في 2012 وأخيراً إلى 3.75 في المئة في العام التالي. أما الريال القطري فانفرد بأكبر قدر من الخفض في نسب الزيادة المطلوب تطبيقها على سعر صرفه في مقابل الدولار لتصل في النهاية إلى 1.30 في المئة في 2013. وتوصل الخبراء إلى نسب التعديل المطلوبة من طريق استخدام منهج مستحدث ركز على تحديد سعر الصرف الحقيقي لعملة كل دولة من أعضاء مجلس التعاون اعتماداً على أساسيات اقتصادها الكلي الطويلة الأجل التي تختلف باختلاف الدول لكنها تتلخص بشروط التبادل التجاري (أسعار النفط) ودرجة الانفتاح الاقتصادي واحتياطات العملات الصعبة والاستهلاك الحكومي وسعر الصرف الاسمي للدولار. أما ارتفاع أو انخفاض نسب التعديل في الفترات الزمنية المختلفة فأرجعه الخبراء إلى اختلاف «سنة الأساس» بين الدول الأعضاء، أي الفترة الزمنية التي حقق فيها البلد توازناً اقتصادياً على الصعيدين الداخلي بحيث لا يتطلب سعر صرف عملته أي تعديل. وحددت الدراسة سنة الأساس بالنسبة للكويت والسعودية بعام 2003 وقطر 2005 والبحرين 2006. لكن خبراء صندوق النقد لم يستبعدوا في دراستهم احتمال أن يختار مجلس التعاون الخليجي الامتناع عن إجراء أي تعديل على أسعار الصرف الحالية لعملات الدول الأعضاء، أو تشكيلتها (تباينها) في مقابل الدولار بسبب ضآلة نسب التعديل المطلوبة في إطار مشروع العملة الموحدة. ولفتوا إلى أسباب تعزز احتمال تجاوز التعديل لدواعي ضآلته أهمها أن «وكلاء» ناشطين في الاقتصاد لديهم حساسية مفرطة تجاه التغيّرات التي تحدث في أسعار الصرف خصوصاً بعد فترة طويلة من الربط المتين (بالدولار) محذرين من أن «تسرب» أنباء عن تغيير أسعار الصرف قد يدفع الوكلاء إلى الانخراط في مضاربات من شأنها أن تحبط التعديلات المراد أجراؤها وتؤذي مشروع العملة الموحدة.