لا شك في ان التجارة الحرة من الحسنات في البنية الاقتصادية للدول، فالحدود الجمركية تزول، ما يتيح للسلع تجاوز الحواجز السوقية بمساعدة قاطرة النمو الاقتصادي التي تولدها اتفاقات التجارة الحرة بين دولتين. ويبدو أن ولادة الاتحاد الأوروبي قبل سنوات، ساعدت في زيادة عدد مناطق التجارة الحرة في العالم. يُذكر أن المفاوضات التي تخوضها دول عدة خلال «قمة الدوحة» توقفت منذ سنوات، وبدلاً من التقيد بقواعد منظمة التجارة الدولية المشرفة على تنظيم قمم الدوحة، نرى اليوم أن دولاً كثيرة تسعى إلى بناء مصالحها وتسويقها، سواء كانت منتمية إلى منظمة التجارة الدولية أم لا. ولذلك فإن تبني سياسة التجارة الحرة تُعتبر من أولويات هذه الدول. وأشار خبراء سويسريون إلى وجود مشروعين ضخمين يُخطط لهما بعد ولادة العملة الأوروبية الموحدة، هما ابتكار عملة موحدة لأميركا الشمالية، تشمل الولاياتالمتحدة وكندا فضلاً عن افتتاح منطقة تجارة حرة بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة. ويستحوذ المشروع الثاني على درجة كبيرة من اهتمام الساسة الغربيين، وستكون صناعة السيارات، مثل شركات «بورش» و «بي ام دبليو» و «دايملر»، من أوائل المستفيدين من التجارة الحرة الأوروبية - الأميركية. ووفق مديري هذه الشركات، ستعطي التجارة الحرة زخماً لانتعاش الاقتصادين الأميركي والأوروبي معاً. وعلى غرار مجموعة من صانعي السيارات، لا تصدر شركة «بي ام دبليو» منتجاتها إلى الولاياتالمتحدة فقط، بل تصدر إنتاجها، خصوصاً السيارات الكهربائية «آي 3» في الولاياتالمتحدة والذي يتركز في مدينة «سبارتنبورغ»، إلى نحو 120 دولة، من بينها دول أوروبية. ومن الطبيعي أن يساعد سقوط الحواجز الجمركية، التي تفرض رسوماً باهظة على حركة الصادرات والواردات، في تقليص التكاليف بأكثر من 25 بليون دولار. وعلى الصعيد السويسري، لا يمكن الحديث عن منافع لشركات السيارات المحلية، إذ هناك فروع أجنبية لها، ما يعني أن الثقل السويسري في إنتاج السيارات بكل أنواعها شبه معدوم، بيد أن إنشاء منطقة تجارة حرة بين أميركا الشمالية وسويسرا ستكون له تداعيات على صناعة الأدوية إذ سيفتح أبواب التنافس أمام الشركات الصيدلانية الكبرى مثل «فايزر» الأميركية و «نوفارتيس» السويسرية. وعلى رغم أن المساحة الجغرافية لسويسرا أصغر بأضعاف من الولاياتالمتحدة، إلا أن شركاتها الصيدلانية تمثل خطراً مباشراً على الشركات الأميركية. وصحيح أن شركات إنتاج الأدوية في البلدين ستنجح في ادخار مبالغ ضخمة سنوياً، ولكن الأرباح التي يُنتظر أن تتضاعف 300 في المئة ستكون من نصيب الشركات السويسرية أساساً. وأفاد خبراء بأن التجارة الحرة بين الولاياتالمتحدة وسويسرا لا تفيد القطاع المصرفي السويسري بسبب انعدام الثقة بين المصارف السويسرية والأجهزة القضائية الأميركية، في حين أن بقية القطاعات ستشهد انتعاشاً.