نتيجة للتحسّن الحالي في أداء الاقتصاد الألماني، انتعشت صناعة السيارات الألمانية بما فاجأ الجميع، وبخاصة المشرفين عليها. وأعلنت نقابة شركات السيارات الألمانية أخيراً، أن حجم إنتاج السيارات في النصف الأول من السنة الحالية ازداد الربع عن العام الفائت، وأن الصادرات منها إلى الخارج ازدادت 44 في المئة. ولم تستبعد النقابة أن تحقق مبيعات السيارات نهاية السنة، المستوى الذي حققته عام 2008 الذي يعتبر ثاني أفضل عام في تاريخ صناعة السيارات الألمانية. وأكدت كل من شركة سيارات "مرسيدس" التابعة لمجموعة "دايملر بنز"، و "أودي" التابعة لشركة "فولكسفاغن" العملاقة، وشركة "بي إم دبليو" تحقيق مبيعات وأرباح غير متوقعة بعد الانتكاسة التي واجهتها عام 2009 إثر إفلاس المصرف الأميركي "ليمان برازرز" وتداعياته على المستهلكين. ولجأت هذه الشركات على الأثر إلى تطبيق برنامج تقشف، وكبح للإنتاج مع صرف عمال، وإجبار آخرين على أخذ كامل عطلاتهم السنوية، وتشغيل قسم آخر بدوام جزئي. ونقلت النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية أخيراً، عن رئيس مجلس إدارة "دايملر بنز" ديتر تستشه قوله إن حزيران (يونيو) الماضي سجّل رقماً قياسياً في مبيعات سيارات «مرسيدس». وأن العصر الذهبي للسيارة أصبح على الأبواب، في تلميح إلى سوق الصين المتنامية، متوقعاً أن تحقق المبيعات هذه السنة، أربعة بلايين يورو. وبعد أن ذكر أن صادرات شركته إلى الصين ارتفعت 130 في المئة خلال الشهور الستة الماضية لفت إلى أن المبيعات ستتجاوز مئة ألف سيارة هذه السنة، مثلها للشركة الألمانية المنافسة "بي إم دبليو". وأضاف تستشه أن الهدف الموضوع على المدى المتوسط، أي حتى 2015، بيع 300 ألف سيارة في الصين سنوياً. وشدّد على أن التحول الإيجابي في المبيعات "لم يأتِ صدفة، بل لأن شركته استثمرت بصورة صحيحة، وبحثت أيضاً عن شركاء فعليين للاستثمار" مثل الإمارات العربية المتحدة التي اشترت في آذار (مارس) 2009 حصة فيها بقيمة بليوني يورو. ورأى رئيس الفرع الألماني لمصرف "غولدمان زاكس" الأميركي ألكسندر ديبيليوس، أن هذا الاستثمار "صفقة مفيدة للغاية" مشيراً أيضاً إلى استثمار دولة قطر بمبلغ أكبر في شركة "فولكسفاغن". ورأى أن التعاون مع مستثمرين مماثلين "مربح للجانبين". وأجمع مراقبون هنا على أن انخفاض قيمة اليورو إزاء الدولار رخّص أسعار السيارات الألمانية وأكسبها قدرة تنافسية أكبر في الأسواق الواعدة في آسيا. خلال ذلك عادت شركة "تويوتا" اليابانية لصناعة السيارات إلى احتلال المركز الأول من بين شركات صناعة السيارات في العالم بعدما خطفته "فولكسفاغن" لفترة غير طويلة إثر مصاعب واجهتها الشركة اليابانية في الولاياتالمتحدة بصورة خاصة، بسبب خلل حاصل في مكابح عدد من طرازاتها الجديدة، ما فرض عليها استدعاء نحو 8,5 مليون من السيارات المباعة لإصلاحها. لكن الشركة استعادت في سرعة كبيرة ثقة المستهلك في صناعتها وفي نوعيتها الجيدة، بعد تبيان أن قسماً كبيراً من الشكاوى يعود إلى أخطاء ارتكبها سائقوها. واللافت في الترتيب الذي وضعه "مركز الإدارة الآلية" لأكبر 18 شركة سيارات في العالم، ونشر أخيراً، أن شركات سيارات "هيونداي" الكورية الجنوبية ثم "نيسان" و "هوندا" و "سوزوكي" اليابانية على التوالي أتت بعد "تويوتا" و "فولكسفاكن"، وحلّت "بي إم دبليو" الألمانية في المركز السابع، و "دايملر بنز" في المرتبة الرابعة عشرة بتراجع مرتبتين عن تقويم العام الفائت. لكن خبراء الأمان حذروا من أن "حساب الحقل قد لا يستوي مع حساب البيدر" بالنسبة إلى المبيعات المنتظرة للسيارات الألمانية، بعد أن أعلنت الصين أخيراً أن نموها سيتباطأ هذه السنة أكثر مما كان يُعتقد، وكذلك النمو في الدول الآسيوية الأخرى والولاياتالمتحدة.