اتهم صحافي بريطاني، وسائل الإعلام الأجنبية، بتغطية الصراع في سورية بطريقة مضللة وغير دقيقة على نحو خطير، وقال إنه زار بلدة سورية واطلع على صورة مغايرة تماماً لما أوردته تقاريرها. وكتب، باتريك كوكبيرن، بصحيفة "اندبندانت أون صندي"، أنه في كل مرة يذهب فيها إلى سورية "يُصاب بالذهول من مدى اختلاف الوضع القائم على الأرض عن الطريقة التي يُعرض بها على العالم الخارجي، لأن تغطية وسائل الإعلام الأجنبية عن الصراع فيها هي بالتأكيد غير دقيقة ومضللة ومثل أي شيء رأيناه منذ بداية الحرب العالمية الأولى". وقال كوكبيرن إنه "لا يستطيع أن يتخيّل أن أي أزمة قام بتغطيتها، قبل الصحافيون فيها وبسهولة الإستناد الى مصادر دعائية منحازة أو ثانوية على أنها تقدّم حقائق موضوعية، مثلما يحدث في تغطية الصراع في سورية". واضاف أن السياسيين والصحف غير الرسمية ومشاهدي التلفزيون "باتوا على حد سواء لا يمتلكون أي فكرة واضحة لما يحدث في سورية خلال العامين الماضيين بسبب هذا التشويش، وذكرت مجموعة الأزمات الدولية، ومقرها بروكسيل، في تقرير اصدرته الأسبوع الماضي حول سورية أن الحلفاء الأجانب للمعارضة السورية تحولوا إلى نموذج منفصل بشكل خطير عن الواقع لمجرد شعورهم بامكانية تحقيق نصر سريع". واضاف الصحافي البريطاني أن وسائل الاعلام الأجنبية "استبدلت الشعارات بالسياسات، وركّزت في تغطيتها للشأن السوري على أن منح المعارضة المزيد من الأسلحة سيمكّنها من تحقيق نصر حاسم، وأن ممارسة ضغوط عسكرية بما فيه الكفاية سيدفع الرئيس بشار الأسد على الموافقة على المشاركة بمفاوضات شرطها المسبق هو الاستسلام". واشار إلى أن واحداً من ما وصفه ب "خطاب الشيطنة" المستخدم من قبل مستشارة الأمن القومي الاميركية الجديدة، سوزان رايس، ووزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، هو "استبعاد أي مفاوضات جادة وتسوية مع القوى في دمشق مع استمرار نظام الرئيس الأسد بالسيطرة على معظم سورية، ووضع وصفة لحرب لا نهاية لها والتظاهر في الوقت نفسه بالقلق على الوضع الإنساني للشعب السوري". وقال كوكبيرن "من الصعب اثبات الحقيقة أو الباطل من أي تعميم في سورية، لكن تجربته هذا الشهر حين سافر في وسط سورية بين دمشق وحمص وساحل البحر الأبيض المتوسط، اظهرت إلى أي مدى تختلف تقارير وسائل الاعلام وبشكل ملحوظ عن ما يحدث حقاً على أرض الواقع". واستشهد بتغطية قناة الجزيرة العربية، للصراع في سورية، حين زار بلدة تلكلخ، مضيفاً أن القناة "تحدثت عن قتال وقع فيها بين الجيش السوري وقوات المعارضة، وافترضت بأن أعمدة الدخان تصاعدت في البلدة مع استقتال قوات المعارضة في الدفاع عن مواقعها". وقال كوكبيرن "لسوء الحظ، بدا ذلك خيالاً، لأنه لم يشاهد دخاناً ولا اطلاق نار ولا أي مؤشر على وقوع قتال، خلال الساعات التي تجول فيها في بلدة تلكلخ". واضاف أن جميع الأطراف في أي حرب تتظاهر بأنها لا تفقد أي موقع دون دفاع بطولي ضد الأعداد الهائلة للقوات المعادية، غير "أن التعتيم في تغطية وسائل الاعلام الأجنبية لما حدث في تلكلخ كانت نقطة مهمة، فالمعارضة في سورية مائعة في ولاءاتها، وقررت الدول ال 11 الرئيسية في مجموعة أصدقاء سورية في اجتماع الدوحة الأسبوع الماضي تسليح المتمردين غير المتطرفين، مع أن هناك هوة كبيرة بينها وبين الجماعات المتمردة غير المتحالفة مع تنظيم القاعدة". واشار كوكبيرن إلى أن مقاتلاً من جبهة النصرة المتحالفة مع تنظيم القاعدة "تردد بأنه انشق وانضم إلى جماعة معتدلة لأنه لا يستطيع الاستغناء عن السجائر، كما أن الجماعات الأصولية المسلحة في سورية تدفع أكثر بالنظر إلى الفقر الذي تعاني منه أعداد كبيرة من الأسر السورية". ونقل عن دبلوماسي في دمشق "المال أكثر أهمية من الايديولوجية". وخلص الصحافي البريطاني إلى القول "من السذاجة في أي حرب أهلية شرسة من جانب الصحافيين التسليم بأن أي طرف من طرفي الصراع قادر على التلفيق أو التلاعب بالحقائق لخدمة مصالحه الخاصة، غير أن الكثير من تغطية وسائل الاعلام الأجنبية في سورية يستند إلى مجرد مثل هذه الافتراض".