لم يرشح الكثير مما جرى في الاجتماع المطول الذي عقد مساء أول من أمس في القدسالمحتلة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، إلا أن أوساطاً سياسية رفيعة المستوى سربت لوسائل الإعلام العبرية استبعاد صناع القرار في الدولة العبرية أن تسفر الجولة الحالية لكيري عن إعلان استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بداعي أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) ليس معنياً حقاً بمفاوضات جدية ويبحث عن إلقاء المسؤولية على إسرائيل بإفشال استئنافها أو تفجيرها في حال استئنافها. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن كيري طالب نتانياهو بالقيام بخطوات لبناء الثقة مع الفلسطينيين تقنعهم بعقد لقاء أولي بين طاقمي المفاوضات الإسرائيلي برئاسة وزيرة القضاء تسيبي ليفني والفلسطيني برئاسة صائب عريقات يمهد ربما للقاء بين نتانياهو وعباس. وأضافت أن كيري اقترح أن تطلق إسرائيل سراح أسرى فلسطينيين يقبعون في سجون الاحتلال قبل اتفاقات اوسلو عام 1993. وقال نائب وزير الخارجية زئيف ألكين للإذاعة العامة، إن اسرائيل مستعدة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين من دون شروط مسبقة، «لكن عباس يفضل المسار الأحادي الجانب» المتمثل بالتوجه إلى الأممالمتحدة. مع ذلك لم يستبعد ألكين أن «يخضع عباس» لضغوط دولية من الولاياتالمتحدة ودول أوروبية لاستئناف المفاوضات. وكرر ألكين رفض إسرائيل المطلب الفلسطيني بتجميد أعمال البناء في المستوطنات، بداعي ان الحكومة السابقة قامت بتجميدها لتسعة أشهر من دون أن يساهم ذلك في دفع المفاوضات. كذلك استبعد وزير السياحة من حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف عوزي لنداو عقد لقاء قمة إسرائيلي – فلسطيني قريب، وقال للإذاعة العسكرية إن الفلسطينيين يطالبون إسرائيل بالتعهد بأن تكون المفاوضات على أساس حدود العام 1967 والإعلان عن القدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، «وإذا كانت هذه معايير المفاوضات فلماذا علينا الدخول إليها أصلاً.. هذه معايير إنهاء المفاوضات». وأضاف انه يتفق مع أوساط نتانياهو التي تعتقد أن الفلسطينيين ينوون الانسحاب من المفاوضات في حال استئنافها بعد وقت قصير من بدئها وتحميل إسرائيل مسؤولية فشلها». من جهتها استهجنت زعيمة حركة «ميرتس» اليسارية النائب زهافه غالؤون، استقبال إسرائيل وزير الخارجية الأميركية على وقع إقرار الحكومة إضفاء شرعية على بؤر استيطانية وبناء وحدات سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية، واصفةً هذا السلوك بأنه «أشبه بمد الإصبع الثالثة للإدارة الأميركية». وأضافت أنها تأمل في أن يكون نتانياهو جاداً في التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، لكنها شككت في مواقف أقطاب حزبه «ليكود بيتنا». ونقل موقع «واينت» الإخباري عن أوساط سياسية إسرائيلية قولها إن المواد الاستخباراتية التي عرضت أمام المستوى السياسي تؤشر إلى أن عباس لا ينوي حقاً إحراز تقدم في المحادثات لاستئناف المفاوضات وانه قد يكون مستعداً للقاء مع نتانياهو لكن نياته تقود إلى تفجير المفاوضات من خلال عرض المطالب الفلسطينية المتوقع أن يرفضها نتانياهو. وأضافت أن وجهة عباس الحقيقية هي إلى الأممالمتحدة «ليتهرب بذلك من اتخاذ قرارات حاسمة». ورأى المعلق السياسي في صحيفة «هآرتس» باراك دافيد، أن «انعدام الثقة والعدائية» بين نتانياهو وعباس يحولان دون جَسْر الهوة بين مواقفهما. وكتب أن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إنما يتظاهران بإبداء مرونة لاستئناف المفاوضات «فقط من أجل إرضاء كيري وتفادي اتهامهما بإفشال جهوده». وأشار إلى حقيقة أن الرئيس الأميركي باراك اوباما متشكك هو أيضاً بشأن احتمالات نجاح كيري في مهته «وعليه لم يعلن دعمه العلني لجهوده». وكان كيري وصل صباح أمس إلى عمان حيث اجتمع مع عباس في منزل السفير الفلسطيني، وبعدها عاد إلى تل أبيب للقاء نتانياهو كما قال حراس أميركيون ل «الحياة» في عمان. وقالت وكالة «فرانس برس» في نبأ من عمان، إن كيري عبر بالسيارة وسار موكبه قرابة ساعتين عبر الضفة الغربية في الطريق إلى عمان، حيث تناول الغداء مع عباس. وأشارت إلى أنه قد يبقى يومين في المنطقة ويقوم بجولات مكوكية بين الطرفين. وقال مسؤول أميركي، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن كيري «كرر التزامه القوي والمستمر العمل مع جميع الأطراف لتحقيق حل دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن»، واصفاً الاجتماع بأنه «بنّاء».