في الوقت الذي ينشغل المشرعون في واشنطن بتوقيع موازنات لنقل حوالى 229 معتقلاً من غوانتانامو و «إنهاء تلك الفوضى» كما وصفها الرئيس باراك اوباما، وفيما يفاوض الأخير دولاً حليفة أو صديقة لإقناعها باستقبال المعتقلين والمفرج عنهم، مثل اليمن وجورجيا واسبانيا، أو ضم بعضهم الآخر الى برامج اعادة تأهيل كما هي الحال مع المملكة العربية السعودية، يبدو الوضع على شواطئ الكاريبي مختلفاً. كل العمليات تجري كما هو مخطط لها قبل اتخاذ قرار إقفال المعتقل. ويبدو أن العد العكسي لانتهاء المهلة في 22 كانون الثاني (يناير) 2010 لا يغيّر شيئاً في الروتين اليومي للعاملين في القاعدة العسكرية البالغ عددهم 2100 بين جنود ومقاولين مدنيين. معتقل غوانتانامو بات اليوم أكثر انفتاحاً على الصحافيين والمحامين والسياسيين، والطواقم العسكرية فيه تستقبل دورياً وفوداً متنوعة تأتي لتشهد تحسينات أُجريت في المعتقل الذي تحاول الإدارة الأميركية الجديدة طي صفحته كرمز من الحقبة السابقة. ولا تخفى على الزائرين طبعاً معاناة العسكريين من الصورة السلبية التي التصقت بالمكان وبهم بسببه فهم يحاولون جاهدين نفي أي علاقة لهم بما حدث، ويؤكدون مراراً وتكراراً أن «ضمائرهم مرتاحة» لمشاركتهم في إدارة «أكثر المعتقلات إنسانية واحترافاً في العالم». لكن هذا الانفتاح المستجد على وسائل الإعلام والسياسيين لا يلغي حقيقة أن المعسكر-7 يبقى لغزاً كبيراً على رغم اعتراف المسؤولين بوجوده. هذا المعتقل مخصص لكبار قادة تنظيم «القاعدة» وهو «في مكان ما سري جداً» وزيارته أمر مستحيل. أما الجولة على الأقسام الأقل سرية، فتبدأ بجلسة يتلو خلالها أمام الصحافيين «لائحة الممنوعات» موظف «مدني» له سطوة كبيرة حتى على العسكريين، وهو من سيُعمِل لاحقاً مقص «الرقيب» على كاميراتنا وأجهزة التسجيل. ولكن ريثما حلت تلك المرحلة، بقيت تتردد على مسامعنا عبارة «أهلاً بكم في غوانتانامو. هنا سترون الحقيقة عارية». ولكثرة ما سمعنا تلك العبارة... كدنا أن نصدقها! «الحياة» جالت على أقسام معتقل غوانتانامو، لتشهد فصلاً يفترض ان يمهد لطي الصفحة التي لطخت صورة أميركا في العالم.