يبدو أن لكل من النُظُم السياسية الجمهورية المتعاقبة في مصر، تقنيّة معيّنة في التعامل مع الشارع. ففي عهد جمال عبد الناصر، ظهر التنصت على المكالمات الهاتفية. وجاء بعده الرئيس أنور السادات، فألغى ظاهرياً ذلك النهج، لكنه استخدمه على نطاق نوعي ضد معارضيه البارزين. وفي عهد مبارك، ازدهرت المحاكمات العسكرية. ومع بداية «ثورة 25 يناير»، عطّل النظام الإنترنت وأوقف تبادل الرسائل النصيّة القصيرة للخليوي، في محاولة لوأد الثورة في مهدها. وعلى رغم أن نظام «الإخوان المسلمين» أدرك فشل خطة قطع الاتصالات، قرر على ما يبدو استخدام السلاح التقني نفسه الذي اعتمده مبارك، لكن بطريقة مختلفة، إذ عمدت اللجان الإلكترونية التابعة ل «الإخوان» أخيراً، إلى تأسيس شبكة للتواصل الاجتماعي سُميّت «إخوان بوك»، ورفعت شعار «أنت الإعلام البديل». تماهٍ مع «فايسبوك» وروّج ناشطو «الإخوان» لهذه الشبكة على موقع «فايسبوك»، واصفين «إخوان بوك» بأنها شبكة تواصل اجتماعي «تهتم بما يخدم مصر والوطن العربي عبر التواصل مع الآلاف من الأصدقاء المحبين لهذا الوطن، في إطار إسلامي وشرعي». وتُنشأ الحسابات الشخصيّة على شبكة «إخوان بوك» بصورة مطابقة لطريقة التسجيل على «فايسبوك». وذكرت المجموعة التي صمّمت الموقع الإخواني، وهو لا يزال في مرحلة التجريب، أنها تعتبره «أول موقع عربي للتواصل الاجتماعي، مخصّص لشباب العرب وحدهم». كما أطلقت المجموعة حملة دعاية واسعة، ركّزت على أعضاء حزب «الحرية والعدالة» وجماعة «الإخوان المسلمين»، داعية إياهم للاشتراك في الموقع الجديد. وأوضحت المجموعة أن «إخوان بوك» يحمل طابعاً إسلامياً، وأنّه مفتوح لمشاركة التيارات السياسية كافة. وبيّن الدكتور مصطفى أبو شنب، وهو أحد مُصمّمي البرنامج، أن الموقع ما زال في مرحلة التجريب، لكنه نجح في جذب 10 آلاف مشترك في اليوم الأول لتدشينه. وقال أبو شنب: «الموقع سيكون عالمياً، وسيتمتع بالسرعة وحرية التواصل وتبادل الأخبار والمعلومات، وسيكون منافساً قوياً ل «فايسبوك» و «تويتر». ثمة من طرح سؤالاً عما إذا كان «إخوان بوك» يزيد في تقسيم الشعب المصري أكثر مما هي حاله حاضراً، إذ يستطيع مؤسسوه استعماله في شنّ هجمات إلكترونية على معارضي «الإخوان». ومن الممكن عمل حسابات وهمية لبعض الشخصيات العامة والمعارضة لتشويه صورتها أو إظهارها بصورة من يدعم جماعة «الإخوان» مثلاً. هل يكون هذا الموقع أداة إلكترونية لبث رسائل سياسية عبر الفضاء الافتراضي للانترنت، كأن تفبرك استطلاعات للرأي توحي بأن ما يحدث في مصر من اضطرابات ناجم عن «مؤامرة» ينفّذها موالون لنظام الرئيس السابق حسني مبارك، أو أن الشعب المصري راضٍ عن سياسة الرئيس محمد مرسي وجماعة «الإخوان المسلمين»؟ يذكر أن شبكة «إخوان بوك» ليست المحاولة الأولى لإنشاء مواقع عربية للتواصل الاجتماعي الرقمي على غرار «فايسبوك» و «تويتر»، لكن أي محاولة لم تنجح. هل تنجح «إخوان بوك» حيث فشل آخرون؟