لندن، بيروت، دمشق - «الحياة»، أ ف رويترز - صعّد «الجيش السوري الحر» هجماته على مواقع النظام بفتح «جبهات» جديدة في شمال البلاد وشمالها الشرقي بالتزامن مع استهداف مقار امنية في دمشق التي تعرضت اطرافها الى غارات جوية. وذلك غداة اعلان الاجتماع الوزاري الخاص بسورية في الدوحة تقديم الدعم العسكري للمعارضة ل «استعادة التوازن» على الأرض. وشدد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على وجوب ان يستعيد «الجيش الحر» السيطرة على المناطق الخاضعة للمتشددين الإسلاميين، رافضاً حسم الأمور في الميدان لمصلحة نظام بشار الأسد وعناصر متطرفة. وكشف مصدر رفيع ل «الحياة»، بعد لقاء هولاند وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، انه تم الاتفاق على أن تجري مساندة المعارضة العسكرية عبر قائد قوات «الجيش الحر» اللواء سليم إدريس وضرورة ضمان أن الأسلحة «لن تقع في ايدي الجهاديين المتطرفين». واستيقظ امس أهالي دمشق على اصوات تفجيرات في حي ركن الدين القريب من حيي القابون وبرزة شمالاً اللذين يتعرضان لتصعيد في القصف في الأيام الأخيرة، وفي حي باب مصلى وسط العاصمة. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ان الهجوم الأول في ركن الدين استهدف مركزاً للشرطة وإن الهجوم الثاني استهدف مقر الأمن الجنائي في باب مصلى. وأعلن بعد الظهر عن حصول انفجار ثالث في جنوب العاصمة. وأوضح «المرصد» ان التفجير استهدف «حي المزة - 86» الذي تسكنه غالبية من الطائفة العلوية ونتج من انفجار عبوة ناسفة بسيارة، ما ادى الى مقتل ما لا يقل عن مواطنين اثنين وسقوط عدد من الجرحى». ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن وزارة الداخلية قولها ان «ثلاثة انتحاريين اقدموا على تفجير أنفسهم أثناء محاولتهم دخول مبنى قسم الشرطة في ركن الدين حيث اشتبكت معهم عناصر القسم وتصدت لهم، وأن ثلاثة آخرين اقدموا على محاولة الدخول إلى فرع الأمن الجنائي في دمشق لتفجير أنفسهم حيث تصدى لهم عناصر الفرع وتمكنوا من قتلهم وتفجير الأحزمة الناسفة التي كانوا يحملونها قبل وصولهم إلى المبنى». وزادت ان الحصيلة الأولية لهذه التفجيرات كانت «خمسة قتلى وتسعة جرحى من المدنيين والعسكريين»، مشيرة الى ان هذه الأعمال «لن تثنيها (الحكومة) عن عملها وستعمل جاهدة لقطع دابر الإرهاب». وفي الشريط المحاذي لحدود تركيا، صعّدت المعارضة عملياتها العسكرية، بعد شنها هجمات في شمال غربي البلاد. وقُتل امس 12 عنصراً من القوات النظامية على الأقل بتفجير سيارة مفخخة قام به عناصر من «حركة أحرار الشام» على حاجز العود في المدخل الجنوبي لمدينة حلب من جهة بلدة خان العسل قرب «الأكاديمية العسكرية». كما فجر مقاتلون معارضون مقر القيادة في داخل مطار «منغ» العسكري بعربة مفخخة حيث قتل ضابط رفيع المستوى. وردت قوات النظام بشن غارات جوية على محيط المطار. وفي مدينة حلب، سيطرت الكتائب المقاتلة على حي العقبة وأجزاء من حي العواميد. وتحدثت مصادر المعارضة عن «تقدم» في احياء في المدينة بينها حي الراشدين ضمن عملية «معركة القادسية» التي استهدفت «تحرير» احياء في حلب، في وقت اقتحم الجيش النظامي بلدة المزرعة الواقعة في ريف السفيرة شرق حلب إلى الشمال من بلدة خناصر، حيث «وردت أنباء وفق نشطاء عن ارتكاب القوات النظامية مجزرة بقتل الأهالي وحرق جثثهم»، وفق «المرصد». وشنت غارات على قرية البرناص في شمال غربي البلاد، ما أدى الى اشتعال النيران. ومع استمرار «الجيش الحر» في حصار مقر الفرقة 17 في ريف الرقة في شمال شرقي البلاد، فتح مقاتلو المعارضة جبهة جديدة بشن هجوم على مقر اللواء 93 في بلدة عين عيسى التي تشكل واحداً من ثلاثة مراكز لقوات النظام في محافظة الرقة التي سيطرت المعارضة عليها في آذار (مارس) الماضي. ورد النظام بغارات شنتها طائرات حربية على محيط اللواء 93. في المقابل، تواصل قوات النظام مدعومة من عناصر «حزب الله» عملياتها في وسط البلاد. وحذر «الائتلاف الوطني السوري» المعارض من ارتكاب «مجزرة» في مدينة تلكلخ في ريف حمص قرب حدود لبنان، داعياً المجتمع الدولي الى «حماية المدنيين». وحذر نشطاء من ان يتكرر في مدينة تلكلخ ما حصل في مدينة القصير التي سيطرت عليها قوات النظام و»حزب الله» قبل فترة. في هذا المجال، جدد الرئيس هولاند في مؤتمر صحافي عقده في ختام زيارته الدوحة وقبل التوجه الى عمان انتقاده مشاركة «حزب الله» في الحرب في سورية. وقال ان «مشاركة من حزب الله في (حرب) سورية يمكن أن تزيد من هشاشة الوضع، وأحيي رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان الذي يحافظ على سياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لسورية». وقال مصدر رفيع ل «الحياة» ان الجانبين الفرنسي والقطري تطرقا إلى ضرورة منع تكرار عملية من نوع ما حصل في مدينة القصير «لا في حلب ولا في ريف دمشق». وقال المصدر: «على رغم أن (تجربة) القصير كانت كارثة، فإنها وحدت المعارضة السورية وأقنعتها بالتعاون والتنسيق مع اللواء إدريس». وزاد المصدر انه تم الاتفاق في اللقاء على أن يجري دعم المعارضة العسكرية عبر اللواء إدريس وأن «يكون القناة الأساسية لإيصال المساعدات العسكرية إلى الثوار السوريين وضرورة ضمان أنها لن تقع في ايدي الجهاديين المتطرفين». وتابع المصدر أن دور إدريس بات «أساسياً». وانتقد «الائتلاف» في بيان عدم دعوته الى اجتماع الدوحة. وأضاف ان القرارات المهمة التي اتخذت كانت ستنقذ «الآلاف من السوريين لو أنها جاءت في الوقت المناسب»، لكنه رحب بالدعم الذي وعدت بتقديمه وبالقرارات المتعلقة بذلك. ودعا الى «المزيد من هذه القرارات الحاسمة كي تساهم في حسم الصراع بسرعة». وجدد «الائتلاف» تأكيده انه «منحاز للحلول السياسية التي تحقن الدماء طالما أنها تقوم على أساس إسقاط نظام الاستبداد ونقل السلطة الى الشعب السوري، وتضمن عدم وجود أي دور لبشار الأسد وعصابته الحاكمة في مستقبل سورية».