قبل أيام من وصول وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى إسرائيل مواصلاً جهوده لاستئناف المفاوضات بينها وبين السلطة الفلسطينية، أطلق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو جملة تصريحات وصفها معلقون إسرائيليون بأنها «تقضي على احتمالات نجاح كيري في مهمته، وهي احتمالات ضئيلة أصلاً». من جهة أخرى، أكد شريكه الأبرز في الحكومة وزير المال يئير لبيد، أنه ليس أمام إسرائيل مفر من حل الدولتين. واتهم نتانياهو الفلسطينيين، في خطاب مساء أول من أمس أمام المشاركين في احتفالات الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بعيد ميلاده التسعين، بأنهم يسعون للقضاء على إسرائيل «سواء بطرق إرهابية أو عبر رفضهم الاعتراف بإسرائيل يهودية». وأضاف «أن ثمة سبباً في استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ أكثر من نصف قرن، وهو رفضهم (الفلسطينيون) الاعتراف بحق دولة يهودية في الوجود». وقال «أخلينا مستوطنات وتركنا قطاع غزة لكن قصف الصواريخ لم يتوقف... إنهم يريدون بئر السبع وأسدود ويافا (مدن فلسطينية احتلتها إسرائيل عام 1948) وليس فقط يهودا والسامرة (الضفة الغربية)». وأردف إن الشعب الفلسطيني منقسم لقسمين، «الأول يضم أولئك الذين يدعون للقضاء على إسرائيل من خلال استخدام وسائل إرهابية، والثاني يضم كل الرافضين مواجهة القسم الأول». وتابع أنه «إذا صنعنا السلام فإننا سنصنعه مع القيادة الفلسطينية التي تعلن أنها مستعدة للتوصل إلى سلام مع الدولة اليهودية، وتقبل بحق الشعب اليهودي في أن تكون له دولة قومية... هذه كانت المشكلة وهذه ستكون المشكلة». وأضاف: «كي يكون لنا غدٌ مضمون، علينا أن نكون أقوياء في الحاضر والمستقبل... وكي يتحقق السلام علينا أن نكون أقوياء في الحاضر وفي المستقبل... وكي يتم الحفاظ على السلام، علينا ان نكون أقوياء في الحاضر والمستقبل..لأن اتفاق السلام الذي نتنازل فيه عن الأمن لن يصمد، وأنا لن أتنازل قط عن أمن دولة إسرائيل ومواطنيها، ولذا فإنني عندما أتحدث عن الغد، إنما أعني غد السلام والأمن». واستهجنت إذاعة الجيش الإسرائيلي حدة التصريحات وتساءلت عن «توقيتها غير المناسب مع وصول كيري»، مضيفة أنه يبدو أن نتانياهو يدرك أن لا أمل في نجاح جهود كيري، «وربما من هذا المنطلق يعتزم أن يدشّن الأسبوعَ المقبل منطقةً صناعية جديدة في إحدى مستوطنات الضفة الغربية». لبيد يؤيد حل الدولتين وقال زعيم حزب «يش عتيد وزير المال يئير لبيد، إنه يتحتم على الإسرائيليين أن يدركوا أن لا حل أمامهم سوى حل الدولتين، وإنه «يجب أن تكون للفلسطينيين دولة خاصة بهم». وأضاف في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» إن إسرائيل ستضطر ضمن الاتفاق المستقبلي بينها وبين السلطة الفلسطينية إلى التنازل عن بعض المستوطنات في الضفة الغربية، لكن ليس على التكتلات الاستيطانية الكبرى أريئل وغوش عتسيون ومعاليه أدوميم، معتبراً أن مثل هذا التنازل سيكون لحظة محزنة بالنسبة له «لأنه في هذه المستوطنات يقطن إسرائيليون طيبون أرادوا تحقيق حلم، وهو حلم أيدته الحكومات المتعاقبة، وحقيقة أن الحلم غير صحيح لا تعني أن التنازل عن مستوطنات ليس تراجيدياً». وزاد أن الأهم الآن هو العودة إلى طاولة المفاوضات على أساس حل الدولتين وإجراء مفاوضات حتى خروج الدخان الأبيض... لأن الوقت المتاح ليس غير محدود». ودافع لبيد عن نتانياهو بالقول إنه ليس سهلاً على نتانياهو كزعيم لحزب «ليكود» أن يقول داخل حزبه إنه يؤيد حل الدولتين، «وهو يدفع ثمناً سياسياً على هذا الموقف، لكن هذا الموقف يثبت جدية نياته». ورداً على سؤال حول رفض نتانياهو تجميد الاستيطان كما يطالب الفلسطينيون، قال لبيد إن مثل هذا القرار ليس سهلاً في الحكومة الحالية «لأن ليكود اليوم أكثر تطرفاً وإن يقف على رأسه رجل أكثر اعتدالاً (نتانياهو)». وزاد أن الحكومة السابقة جمدت البناء في المستوطنات لكن الفلسطينيين لم يحسنوا التصرف ولم يأتوا إلى المفاوضات». وختم قائلاً إن رئيس الحكومة» يعلم أنني أعتزم الدفع باتجاه استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وسأضغط قدر ما استطيع ليتحقق هذا الحل، ليس حباً بالفلسطينيين إنما لما فيه مصلحة إسرائيل»، معرباً عن مخاوفه من «اختلال التوازن الديموغرافي بشكل مضرّ لإسرائيل». على صلة، كشفت تقارير صحافية أن نتانياهو طلب من وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، أثناء لقائهما في القدسالمحتلة قبل يومين، أن لا يُصدر اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي يعقد الأسبوع المقبل بياناً يندد فيه بالمستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويطالب بمقاطعة منتجات المستوطنات. كما طالبها بأن يتفادى البيان عرض أفكار الاتحاد الأوروبي بشأن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك بداعي أن من شأن مثل بيان كهذا أن يعرقل جهود وزير الخارجية الأميركي لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، مضيفاً أن «مضموناً كهذا وتوقيت إصدار البيان لن يساعدا تحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين إنما سيضرانها، وقد يشجع البيان الفلسطينيين على عدم العودة إلى طاولة المفاوضات». ونقلت صحف عبرية عن مسؤول إسرائيلي اطّلع على أكثر من مسوَّدة للبيان المقترح قوله إن بريطانيا وفرنسا تدفعان باتجاه إصدار بيان شديد اللهجة ضد السياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما تسعى ألمانيا وايطاليا لتخفيف حدة البيان.