أجرى الرئيس المصري محمد مرسي حركة تغييرات واسعة في صفوف المحافظين شملت 17 محافظة نال أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين» النصيب الأكبر منها، بتعيين سبعة من قياديي الجماعة وحزبها محافظين، فيما استأثر العسكر كعهدهم بالمحافظات الحدودية وقناة السويس، وشملت الحركة الجديدة تعيين خمسة قياديين سابقين من القوات المسلحة. وكان لافتاً تعيين قيادي في حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية»، محافظاً للأقصر السياحية التي شهدت صراعاً مسلحاً مريراً بين الجماعة والشرطة في تسعينات القرن الماضي، كان أبرز حلقاته «مذبحة الأقصر» التي نفذها أعضاء في الجماعة في العام 1997 وقتلوا 58 سائحاً خلالها في معبد الدير البحري. وكرس مرسي بتلك التعيينات القسمة بين «الإخوان» والعسكر وهيمنتهما على مناصب المحافظين، بعدما زادت حصة الجماعة إلى 10 محافظين، والجيش إلى 8 محافظين، فيما هُمشت قيادات الشرطة السابقة، ولم يتولَ أي من المحالين على التقاعد من قادة وزارة الداخلية منصب محافظ. وزادت تلك التغييرات الغضب قبل تظاهرات مقررة للمعارضة في 30 حزيران (يونيو) الجاري يرفع الداعون إليها مطلب «عزل الرئيس» وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، إذ أن التعيينات الجديدة رسخت سيطرة «الإخوان» على مفاصل الدولة، فضلاً عن أنها أظهرت تحدي الحكم لمعارضيه وتعويله في الأساس على مناصريه من القوى الإسلامية الأصولية. وشملت حركة المحافظين الجديدة سبعة محافظين من جماعة «الإخوان» وحزبها، هم القيادي في حزب «الحرية والعدالة» عادل عبدالمنعم محافظاً لبني سويف، والناطق باسم الحزب في الدقهلية صبحي عطية محافظاً للدقهلية، والقيادي في الجماعة مسؤول قسم الأخوات أحمد شعراوي محافظاً للمنوفية، وعضو مكتب إرشاد الجماعة حسام أبوبكر محافظاً للقليوبية، والقيادي في الجماعة أحمد محمد البيلي محافظاً للغربية، وأمين حزبها في البحيرة أسامة محمد إبراهيم محافظاً للبحيرة، والقيادي في الحزب جابر عبدالسلام عطية محافظاً للفيوم. وبذلك تصبح حصة «الإخوان» على رؤوس المحافظات البالغ عددها 27 محافظة 10 محافظين، فإضافة إلى المحافظين السبعة الجدد، يتولى القياديون في الجماعة سعد الحسيني محافظة كفر الشيخ، ومصطفى كامل فرغلي محافظة المنيا، ويحيي كشك محافظة أسيوط. ومن العسكريين ضمت الحركة الجديدة اللواء طارق المهدي محافظاً للبحر الأحمر وكان محافظاً للوادي الجديد، واللواء بدر طنطاوي محافظاً لمرسى مطروح، واللواء محمود محمد أحمد خليفة محافظاً للوادي الجديد خلفاً للمهدي، واللواء سماح محمد قنديل محافظاً لبورسعيد وهو كان يشغل منصباً كبيراً في الاستخبارات الحربية، واللواء إسماعيل حسن عطية الله محافظاً لأسوان. وإضافة إلى هؤلاء يتولى اللواءات سيد حرحور محافظة شمال سيناء وخالد فودة محافظة جنوبسيناء وسمير عجلان محافظة السويس. وعُين المستشار ماهر الظاهر بيبرس (مستقل) محافظاً للإسكندرية والاستاذ في علوم البيئة صلاح محمد عبدالمجيد (مستقل) محافظاً لقنا والمهندس حسن رفاعي (مستقل) محافظاً للإسماعيلية. كما أن هناك 4 محافظين مستقلين لم يبرحوا مناصبهم، وهم أسامة كمال محافظ القاهرة، وعلي عبدالرحمن محافظ الجيزة، وحسن النجار محافظ الشرقية، ويحيى عبدالعظيم محافظ سوهاج. وشملت الحركة محافظين حزبيين هما اللواء طارق فتح الله محافظ دمياط وينتمي إلى حزب «غد الثورة» الموالي للرئيس، وعادل أسعد الخياط محافظ الأقصر القيادي في حزب «البناء والتنمية». وأدى المحافظون الجدد اليمين القانونية أمام الرئيس محمد مرسي أمس في حضور رئيس الوزراء هشام قنديل ووزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي. واجتمع مرسي ورئيس وزرائه مع المحافظين الجدد. وانتقدت غالبية القوى السياسية المعارضة تلك التعيينات ورأت أنها تدفع في اتجاه مزيد من الحشد في تظاهرات نهاية الشهر. ونظم أعضاء القوى الثورية في المحافظات التي تولاها قياديون في جماعة «الإخوان» تظاهرات رافضة للتعيينات الجديدة، وأغلق المتظاهرون دواوين محافظات عدة، منها المنوفيةوالدقهلية والفيوم، ورددوا هتافات ضد جماعة «الإخوان» منها: «يسقط يسقط حكم المرشد». وكتبوا شعارات على جدران دواوين محافظات منها: «30 يونيو مقبرة للإخوان». واعتبر القيادي في «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة عمرو موسى أن حركة المحافظين الجديدة «تصعيد سياسي من جانب النظام قبل يوم فارق في مصر هو 30 يونيو». وقال في بيان إن حركة المحافظين «لا يمكن ترجمتها إلا على أنها مزيد من الأخونة وتولية أهل الثقة»، مضيفاً أن «النظام يرسل رسالة بأنه غير مستعد للاستجابة لمطالب الناس وماضٍ في سياساته التي تزيد الغضب والاحتقان». وانتقد موسى خصوصاً اختيار القيادي في «الجماعة الإسلامية» عادل الخياط محافظاً للأقصر. وقال إن «تعيين محافظ للأقصر ينتمي إلى الجماعة الإسلامية التي يحرم قادتها السياحة وينادون بتحطيم الآثار وأيضاً يعادون الصوفيين علناً قرار ضد السياحة وضد الاستقرار». وطالب مجدداً بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ورفضت «حركة 6 أبريل» التعيينات الجديدة، معتبرة أنها «استكمال لتمكين جماعة الإخوان المسلمين، وتأكيد لرغبتها فى السيطرة على مفاصل الدولة». وقالت في بيان إن «حركة المحافظين مناورة سياسية جديدة من الرئاسة لإلهاء القوى السياسية عن تنظيم جهودها لفعاليات 30 يونيو والمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة». في المقابل، حرص المحافظون الجدد من جماعة «الإخوان» على تأكيد حيادهم وأنهم يهدفون إلى تنمية الأقاليم التي تولوا إدارتها، وتعهدوا الوقوف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية على اختلاف توجهاتها بغض النظر عن انتمائهم. في الوقت ذاته، واصلت القوى الإسلامية الأصولية هجومها على الداعين إلى تظاهرات نهاية الشهر، فبعد أن وصف القيادي في «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» الداعية السلفي محمد عبدالمقصود التظاهرات على أنها صراع بين «المسلمين والكافرين». وقال في حضور الرئيس محمد مرسي إن «يوم 30 يونيو سيكون نصرة للإسلام ودحراً للكافرين»، اعتبر عضو مجلس شورى جماعة «أهل السنة والجماعة» مدحت القصراوي أن الداعين إلى التظاهرات «إباحيون لا دين أو أخلاق لهم... يتكسبون من تذاكر السينما والمسرح والكتب من خلال التبذل واللحوم العارية والتشجيع على الفواحش». لكن دار الإفتاء المصرية قالت في بيان أمس إن «الاحتجاج والتظاهر فعل مقبول شرط أن يبقى في الإطار السلمي الذي يضمن عدم التعدي على الممتلكات العامة والخاصة ويضمن كذلك عدم امتداد يد التخريب إلى منشآت الدولة وتعطيل مصالح المواطنين». وحذرت من «التعدي على المؤسسات أو الأفراد»، مشددة على أن «مصر كالسفينة التي إن غرقت فلا نجاة لأحد فيها». وقال المنسق العام ل «جبهة الإنقاذ» محمد البرادعي في مؤتمر صحافي على هامش زيارته لاعتصام المثقفين في مقر وزارة الثقافة مساء أول من أمس إن «ما نراه من النظام الفاشل المستبد هو ما يدفع الشعب إلى النزول مرة أخرى يوم 30 حزيران (يونيو) لتصحيح مسار الثورة». وانتقد المؤتمر الذي عقده الرئيس وحلفاؤه في ملعب القاهرة ل «نصرة الشعب السوري». وقال: «عندما يجلس نظام ليستمع لمن يقول إن من سينزل يوم 30 يونيو هم من الكفار والمشركين، وعندما يصفون 150 مليون مسلم شيعي بأنهم أنجاس، فإن هذا نظام لا يجب ولا يمكن أن يستمر»، داعياً الشعب إلى «وضع نهاية للنظام بطريق سلمي». وطالب مرسي بتقديم استقالته «حتى نعود مرة أخرى إلى إطار ديموقراطي مبني على انتخابات حرة ونزيهة ومصالحة وطنية»، مشدداً في الوقت ذاته على أنه لن يرشح نفسه للرئاسة حتى لو أجريت انتخابات مبكرة.