لم يمض شهران على قرار منع الاستقبال المجاني للمكالمات أثناء التجوال الدولي، حتى داهمتنا هيئة الاتصالات بحجب خدمة ال«فايبر» المجانية! يحدث كل هذا في مجتمع يسعى للتواصل مع 150 ألف مبتعث، وأكثر من ثلاثة ملايين سائح خارج المملكة صيفاً، ومثلهم تقريباً في كل إجازة للعيد أو الحج أو الربيع، وكل سمين من الإجازات ورفيع! لو عدنا للبداية، واستعرضنا رؤية هذه الهيئة، ورسالتها، فسنجد الآتي منصوصاً عليه حرفياً على الموقع الإلكتروني لهيئة الاتصالات: رؤية الهيئة: «توفر خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات في جميع أنحاء المملكة بجودة عالية وأسعار مناسبة». رسالة الهيئة: - توفير بيئة تنظيمية عادلة مبنية على الوضوح والشفافية لتحفيز المنافسة، وحماية الصالح العام، وحقوق جميع الأطراف. - نشر خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات المتطورة في مختلف أرجاء المملكة، والاستخدام الأفضل للموارد المحدودة. - نشر الوعي حول الاتصالات وتقنية المعلومات، وتشجيع استخدامها لتعزيز الإنتاجية، ورفع كفاءة الاقتصاد الوطني. - تطوير الموارد البشرية للهيئة وفق أعلى معايير الأداء المهني في بيئة عمل إيجابية محفزة. لا أعلم حقيقة أي جزء من أجزاء هذه الرؤية قد تحقق للهيئة، سيما أنها لا توفر الخدمة، بل أوكلتها إلى شركات، والأصح هي أنها تشرّع للخدمة ولا تقدمها! كما أن ال«أسعار» ال«مناسبة» ليست عنصراً يمكن الرهان عليه حتى هذه اللحظة! لو انتقلنا إلى رسالة الهيئة، لا يمكنني الجزم بتحقيق مفهوم الشفافية، خصوصاً إن كان البيان الأخير حول إيقاف خدمة «فايبر» يقول الآتي: «إن تطبيق خدمة الفايبر بوضعه الحالي لا يفي بالمتطلبات التنظيمية التي أقرتها الهيئة أخيراً، إذ تم إبلاغ مقدمي الخدمة المرخص لهم بضرورة العمل مع الشركات المطورة لبعض تطبيقات الاتصالات عبر بروتوكول «الإنترنت» في المملكة على سرعة استيفاء المتطلبات التنظيمية المطلوبة». ومن أمنياتي اليوم، كمواطن له حقوق، أن أفهم ما المتطلبات المطلوب الوفاء بمتطلباتها تنظيمياً لتحقيق المطلوب؟ لو انتقلنا إلى الفقرة التي تشير إلى نشر خدمات الاتصالات في مختلف أرجاء المملكة، فهذه يمكن التجاوز عنها لاعتبارات أخويّة في المواطنة! لكن أن تقول الهيئة «والاستخدام الأفضل للموارد المحدودة»، فهذه تحتاج إلى تفسير عاجل للغرض الوظيفي من كلمة (محدودة)، فهل المحدودة هي الأفضل أم الموارد، أم الهيئة محدودة في الوضع العام الخاص بصلاحياتها؟! الهيئة مدينة للمواطن السعودي بتفسير عاجل لهذه الفقرة! لو مررنا بالفقرة الآتية المتعلقة بنشر الوعي... إلخ: فكل الناس تقريباً تعي أهمية الاتصال (ألسنا نتصل ببعضنا البعض يا هيئة، وأنتم كذلك تتصلون ببعضكم البعض لكي تسلموا على بعضكم البعض وتهنئوا بعضكم البعض وتطمئنوا على بعضكم البعض)! ولكن كيف تشجعون استخدامها على تعزيز الإنتاجية؟ هذا الخطاب المتقدم جداً والخارج على وعي المواطن العادي يحتاج لشرح مستفيض! فهل القصد من هذا الكلام هو أن أتصل على ابني، مثلاً، وأقول له: انتبه تتأخر يا ابني... فهذا يؤثر على فرص تعزيز الإنتاجية لديك في حياتك بشكل عام! الفقرة الأخيرة لا علاقة لنا بها طبعاً كمواطنين، ويجب عدم وضعها في الرسائل العامة للهيئة أساساً! لكني سأنهي هذا بسؤال: ما مصير ما تبقى من خدمات الاتصالات شبه المجانية الأخرى، مثل «الواتساب والتانقو» وغيرهما؟ هل سيتم حجبها أيضاً لأنها لا تستجيب للتنظيمات التنظيمية المبهمة؟ وهل ستبادر الهيئة إلى دعم مشروع وطني لتفعيل برامج مشابهة للتواصل على يد مهندسين سعوديين شباب، لكي تكون بديلة لهذه البرامج «المستوردة» التي لا غنى عنها اليوم؟ [email protected] @abdullahsayel