يتخوف الكثير من مستخدمي برامج التواصل المجانية في السعودية أن يكون مصيرها نفس مصير برنامج «فايبر» الذي تم حجبه قبل عدة أيام من قبل هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات لأسباب تعزوها الهيئة إلى أنها متطلبات تنظيمية. وتفاوتت آراء العديد من المهتمين والمتابعين لهذا القرار ما بين مؤيد ومعارض لقرار الهيئة حيث يرى الطرف الأول أنه يجب على الشركات المسئولة عن البرامج المجانية التواصل مع الهيئة واستيفاء المتطلبات التي حددتها الهيئة بينما يرى الطرف الآخر أن قرار هيئة الاتصالات جاء مجاملة لجهات معينة على حساب مصلحة المواطن وأن الأسباب التي ساقتها الهيئة غير مقنعة، مطالبين بأن تحذو الهيئة حذو الكثير من دول العالم والتي يعمل فيها برنامج «فايبر» دون حجب أو توقف. مصلحة المواطن ويرى مسلط الشمري أن «قرار هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بحجب برنامج فايبر وعزمها حجب برامج تواصل مجانية خاصة بالهواتف الذكية كما ذكرت بعض الوسائل الإعلامية يعتبر قراراً متحيزاً لشركات الاتصالات العاملة في المملكة على حساب مصلحة المواطن الذي يستفيد من هذه البرامج المجانية في تقليل رسوم فواتير شركات الاتصالات والتي وصلت أسعارها إلى مبالغ خيالية وغير مبررة بسبب ارتفاع تكلفة الاتصال مع أن هذه الشركات لا تقدم الخدمات المأمولة منها والتي ترضي الزبائن، وذلك بسبب ضعف شبكات الاتصال وصعوبة الحصول على الخدمات إلا بشق الأنفس مع أن هذه الشركات تدخل مبالغ خيالية لحسابها من وراء المشتركين». أعذار واهية ويوضح علي حكمي أن «برنامج فايبر الذي تم حجبه من هيئة الاتصالات يستخدمه أكثر من 200 مليون مستخدم في أغلب دول العالم ولم نسمع أو نقرأ بأنه تم حجبه في أي دول أخرى». ويضيف أن «هيئة الاتصالات ذكرت أن سبب حجب البرنامج يعود إلى متطلبات تنظيمية وهذا السبب غير منطقي وأعذار واهية لا يمكن الاقتناع بها لأن الكثير من المواطنين مقتنعون بأن وسائل الاتصال والتقنية الحديثة في تقدم مستمر وفي المستقبل القريب لا يمكن حجب كل المعلومات، فالعالم أصبح قرية صغيرة والمعلومة يمكن أن تصل إليك سواء مقروءة أو مرئية أو مسموعة لذا يجب أن تعيد هيئة الاتصالات حساباتها وتصبح أكثر شفافية ومرونة وأن تراعي مصلحة المواطنين في الاستفادة من كافة التقنيات الحديثة». «قرار هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بحجب برنامج «فايبر» وعزمها حجب برامج التواصل المجانية الخاصة بالهواتف الذكية كما ذكرت بعض الوسائل الإعلامية يعتبر قراراً متحيزاً لشركات الاتصالات العاملة في المملكة على حساب مصلحة المواطن»ضرورة وأولوية الدكتور عدنان بن عبد الله الشيحة عميد معهد الأمير سلمان لريادة الأعمال بجامعة الملك سعود يقول حول هذا الموضوع : «يفترض أن يعبر قرار هيئة الاتصالات بتطبيق اشتراطات على مزودي خدمات التواصل الاجتماعي عن ضرورة وأولوية وطنية ويحقق المصالح العليا للوطن، والمصالح العليا للوطن تشمل الحالة الجماعية والفردية ولا يمكن النظر إليها من زاوية الحرية الفردية على حساب الضبط الاجتماعي، فالهيئة كسلطة عامة مسؤولة عن الموازنة بين المصالح الفردية والمصلحة العامة». ويضيف «أخشى أن الكثيرين يستعجلون وبأحكام مسبقة وبأسلوب انتقامي وليس انتقاديا من تفويت الفرصة في فهم القرار في سياق المصلحة الوطنية، لقد اعتاد أكثر الناس في ظل الإعلام الجديد على الاستعجال في إطلاق أحكام تعكس حالة من التشنج والإحباط والسعي في نشر الشائعات والخوض في موضوعات عامة من باب التشفي وبالتالي تصوير القرار على انه فقط يحد من حرية أفراد المجتمع على التواصل وتحجير التعبير وصناعة الرأي العام والرؤية المشتركة في دائرة ضيقة». الضبط الاجتماعي ويتابع الشيحة «هذه الرؤية حقيقة ولكنها ليست كل الحقيقة وكان لابد من فهمها من منطلق أن الهيئة كسلطة عامة ملزمة بالموازنة بين الاستجابة لاحتياجات الأفراد وتحقيق رغباتهم وتطلعاتهم وبذات الوقت الحفاظ على الأمن الوطني والاستقرار والضبط الاجتماعي. الموازنة بين الاستجابة والحفاظ على المصلحة العامة أمر في غاية الصعوبة ويتطلب من الجميع مسؤولين وعموم حساسية عالية وفهما عميقا ودراية وتحليلا للمعطيات على الساحة الداخلية والتغيرات والمستجدات العالمية ورؤية مشتركة. الأحداث من حولنا غير مستقرة وهناك من يتربص بنا الدوائر, ولذا فان الوضع يحتم الحيطة والحذر والأخذ بجميع الأسباب للحفاظ على اللحمة الوطنية والاستقرار. إلا انه في نفس الوقت لابد من التفكير بطريقة جديدة في إدارة المجتمع وتفعيل المجالس النيابية الشورى والمناطق والمحلية والبلدية لتكون وسائل للتعبير الجماعي المؤسسي والتعرف على الرأي العام والتوجهات العامة». وسائل جديدة وأضاف «تطوير عملية صنع القرار العام عنصر أساس في الترابط الاجتماعي ويقوي المناعة الاجتماعية إن صح التعبير على مواجهة التحديات التي لا يمكن التصدي لها بسياسة المنع، فالمجتمع أصبح أكثر نضجا ثقافيا وسياسيا واقتصاديا وبات سقف التوقعات عاليا وتغير نمط استهلاكه واحتياجاته، وبالتالي لابد من إيجاد وسائل جديدة تتناسب مع المعطيات داخليا وخارجيا. لقد أصبح من الضروري الالتفات إلى جذور المشكلة والتعامل معها بشفافية وانفتاح تام لوضع حلول ناجعة بدلا من معالجات وقتية هي فقط ردود أفعال عاطفية لا تلبث أن تتلاشى في مهب ريح التغيرات العالمية والتحديات الخارجية». التصدي للمتربصين ويرى الشيحة ان «تقوية الجبهة الداخلية واللحمة الوطنية وتعزيز نعمة الإخوة في المجتمع هي الضامن بعد الله في التصدي للمتربصين من أعداء الوطن في الداخل والخارج ممن يرفضون المشترك الوطني ويعملون لتقويض الثوابت الوطنية التي هي كينونتنا ومدار هويتنا. يجب أن يعي الجميع مسؤولين وعموم أننا في نفس السفينة وأن على الجميع الحفاظ على توازنها والعبور بها في هذا البحر اللجي المتلاطم الأمواج من التغيرات السريعة والوصول بها إلى شاطئ الأمان، وهذا يقتضي بالضرورة الموازنة بين الحرية الفردية والمصلحة العامة. فهل يرى المسؤولون أهمية حرية التعبير؟ وهل يرى العموم أولوية الضبط الاجتماعي؟ هذا هو المطلوب! مبررات منطقية ويتحدث رئيس لجنة تقنية المعلومات والاتصالات في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض سابقاً عبد الجبار العبد الجبار حول قرار الحجب قائلا «تطبيقات التواصل الاجتماعي المجانية مثل : الفايبر والتي يستفيد منها الجمهور للأغراض الشخصية وأكثرهم من الأفراد وليس الشركات والمؤسسات وهذه البرامج لها ايجابيات وسلبيات فمن الايجابيات هو التواصل بين الآخرين بدون تكلفة مادية أما السلبيات, فهي كما ذكرته بعض التقارير الإعلامية من إمكانية التجسس الاستخباراتي الدولي على مستخدمي هذه البرامج المجانية». ويؤيد العبد الجبار قيام هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بحجب برنامج فايبر حتى يتم التأكد من استيفاء المتطلبات للجهة المسئولة عن البرنامج وهذا الإجراء مطبق في الكثير من الدول حيث يتم حجب بعض البرامج حتى يتم التأكد من أن البرنامج ليس له ضرر وبعدها يتم فتح البرنامج أمام المستخدمين» مضيفاً أن «حجب برنامج فايبر لم يلحق خسائر مادية على الأفراد والجهات وسيتحول المستخدمون إلى برامج وتطبيقات مجانية أخرى». ظلم واجحاف وفي ذات السياق تحدث رئيس لجنة المحامين في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض المحامي محمد الزامل أن «من حق المواطنين الاعتراض على قرار هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بحجب برامج التواصل المجانية مثل : برنامج الفايبر أو الواتساب لأن ذلك قرار إداري وعلى المتضرر من القرار الإداري اللجوء للجهات القضائية المختصة في المملكة مع ضرورة إثبات الضرر». البرامج المجانية وطالب الزامل هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات «بعدم مجاملة شركات الاتصالات المشغلة في المملكة لأن الجميع يعرف أنه كلما زاد أرباح شركات الاتصالات زادت أرباح الهيئة والتي تأخذ نسبة من الأرباح مطالباً الهيئة بالإفصاح عن ماهية المتطلبات التنظيمية التي ذكرتها في بيان سبب حجب البرنامج أما قول البعض بأنه يجب حجب البرامج المجانية لأسباب أمنية، فهذه حجج غير منطقية لأن الكثير من الدول تستخدم هذه البرامج ولم يتم حجبها ومنعها من المستخدمين». وتساءل الزامل عن دور مجلس الشورى وغيابه عن بعض القرارات التي تؤثر في المجتمع مثل قرار الهيئة بحجب البرنامج وكذلك الجهات الأخرى مثل : مجلس الاقتصاد الأعلى، وهيئة مكافحة الفساد والجهات ذات العلاقة التي تغيب عن مثل هذه القرارات المهمة التي تهم حياة المواطن». البوعينين: اتصالات «فايبر» غير مجانية وعلينا معرفة الثمن ويؤكد الاقتصادي فضل البوعينين بأنه لا يمكن الجزم بأن خدمات الاتصال الحديث المتاحة بشكل مجاني للمستهلكين بسلامتها وأمنها للمستخدم حيث إن من النادر الحصول على تغطية اتصالات دولية غير مدفوعة القيمة، ومن هنا يجب البحث والتقصي عن العائد الذي تحققه الشركات التي تقدم هذه الخدمة نظير تقديمها لها وفي الآونة الأخيرة تحدثت التقارير الغربية عن قضايا تجسس عالمية على شبكات الاتصالات المجانية ما يعني أن هناك رابطا بين طرح هذه التطبيقات المجانية وبين أهداف أخرى يمكن أن تكون هي القيمة التي تبحث عنها تلك الشركات»، مضيفا أن «غالبية المستخدمين يركزون على تكلفة الاستخدام لهذه الخدمة دون النظر إلى التكاليف الأخرى غير المنظورة فهناك مثل غربي يقول (لا وجود للغداء المجاني) وهذا يعني أن كل خدمة مجانية تقدمها أي شركة يفترض أن يكون خلفها هذه الخدمة فأن لم يكن المال ظاهر يفترض أن يكون هناك أهداف أخرى غير معلنة لذا أتمنى من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات عندما تقوم بإيقاف خدمة أو اتخاذ قرار يمس مصلحة المستهلكين أن تقوم بالإعلان الشفاف عن أسباب قيامها بذلك العمل من خلال بيان توضيحي يعطي المستهلك قناعة بالإيقاف فهيئة الاتصالات تواجه سيلا من البرامج التي تجعل خدمات شركات الاتصالات الحالية غير مستغلة من قبل شريحة كبيرة من المستهلكين «. السعدون: مجلس الشورى بريء من قرار الحجب وفي ذات السياق يقول الدكتور سعدون بن سعد السعدون رئيس لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في مجلس الشورى إن «حجب هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات لم يدرس في مجلس الشورى كما أن اللجنة لم يصلها أي طلب رسمي لدراسة هذا الموضوع»، مضيفاً أن «هناك تواصلا وتعاونا بين مجلس الشورى والجهات ذات العلاقة بالاتصالات وهي وزارة الاتصالات وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات حيث يتم الالتقاء بمندوبي هذه الجهات لبحث التعاون معهم، وتمكينهم من أداء عملهم ومناقشة تقارير الانجازات والصعوبات التي تواجه هذه الجهات وذلك لمصلحة هذه الجهة أولا والذي يصب في النهاية في مصلحة الوطن والمواطنين». ويبين الدكتور السعدون أن «المملكة مشتركة في منظمات عالمية للاتصالات والمملكة عضو في الاتحاد العالمي للاتصالات وهي جزء في هذه المنظمة والتي تحكمها بروتوكولات عالمية تحدد العلاقة بين الهيئة وشركات البرامج كما أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات تسعى إلى أن تلتزم هذه الشركات بأنظمة المملكة وخصوصاً الجانب الأمني كما يجب على هيئة الاتصالات أن تتواصل مع الشركات ذات العلاقة لوضع حلول وبرامج بديلة يستفيد منها المواطنون».