في الوقت الذي تعجز فيه أسر كثيرة داخل الأحياء العشوائية من توفير لقمة عيش «راقية» تشبع بها بطون أبنائها، بعيداً عن الوجبات اليومية المتكررة التي لا تتجاوز صنفين أو ثلاثة في الغالب، استنفر فريق تطوعي لخدمة هذه الأسر المحتاجة وبعض سكان الأربطة وطلبة العلم لمدهم بما لذ وطاب من الأطعمة الزائدة في قاعات الأفراح والمناسبات الكبيرة التي لا يجد القائمون عليها مخرجاً لتصريفها سوى حاويات القمامة. من هنا، تبلورت فكرة جمع ما فاض من الأطعمة التي لا يجد أصحابها بعد انتهاء المناسبات الخاصة مخرجاً لها سوى الزج بها في حاوية تختص بجمع المهملات والأوساخ، لتنطلق فكرة «حفظ النعمة» التي تهدف إلى جمع الأطعمة من المناسبات الكبيرة والاعتناء بها وترتيبها، بحسب الضوابط والشروط الصحية، للاستفادة منها وإعادة توزيعها على المستحقين. وخصص مشروع «حفظ النعمة» مكاناً متسعاً يتناسب لاستقبال الفائض من الأطعمة من قصور وقاعات الأفراح والاستراحات بطريقة يمكن تسخينه وترتيبه بشكل صحيح بحسب الضوابط والشروط الصحية، للاستفادة منها وإعادة توزيعها على المستحقين، إذ خصص المشروع فريقاً تطوعياً لجمع تلك الأطعمة بسيارات مجهزة ومهيأة، ومن ثم نقلها إلى المركز لإعادة تهيئة الأطعمة والانتفاع بها ليتحقق هدف «حفظ النعمة» من الامتهان، وتذهب إلى مستحقيها من الفقراء والمساكين والمحتاجين إليها. وأوضح مدير برنامج حفظ النعمة أحمد المطرفي ل «الحياة» أنه بدأ فكرة المشروع قبل خمسة أعوام مع سائق كان يعمل لديه، وبادرته فكرة كيفية المحافظة على الطعام الفائض، وتوفير الجزء المتبقي من الوليمة لإيصاله إلى الفقراء والمحتاجين، خصوصاً وأن المجتمع لديه نوع من المباهاة والمفاخرة والكرم الزائد، إضافة إلى عدم تقدير حاجة المدعويين للمناسبة، مبيناً أنه قرر حينها ضرورة إيجاد برنامج يختص بهذا الفائض من الطعام، آلية تصريفه بشكل يضمن وصوله إلى مستحقيه من دون عناء لهم. وأضاف المطرفي «أي مشروع خيري لا يقوم إلا على أيدي المتطوعين، وهذا المشروع ينقصه المتطوعون حتى نستطيع الوصول لأكبر عدد من المحتاجين في المدن الأخرى». وتتمثل أهداف برنامج «حفظ النعمة» في إكرام النعمة من الرمي والامتهان، إعانة الميسورين على أداء واجباتهم تجاه النعم، وخدمة فئة من المجتمع تعاني من قلة ذات اليد لتوفير الطعام لهم، والارتقاء بالمجتمع إيمانياً لحفظ هذه الأطعمة، إضافة إلى إعانة أصحاب المطاعم والحفلات على إيصال فائض الطعام لمستحقيه. ولا يختص هذا البرنامج بفئة معينة دون غيرها، إنما يوفر الأكل لمن أراد في أي مكان، إذ يهدف إلى وجود قاعدة بيانات للأسر المستفيدة ومن أبرزها الأربطة، مساكن طلاب العلم، الفقراء، والحجاج، حتى يتحقق التكافل الاجتماعي ودعم المؤسسات الخيرية بالطبخ الخيري، وتنفيذ ولائم حفلات للأسر المحتاجة، إضافة إلى إطعام الحجاج انتهاء بعمل وجبات إفطار صائم. ويعتمد البرنامج آلية لاستقبال الوجبات الفائضة وإيصالها إلى مستحقيها، إذ تبدأ العملية باستقبال الاتصالات على أرقام المركز التي خصصت لهذا الغرض، حتى يسهل التواصل معهم، لتنطلق بعد ذلك المركبات بواسطة فريق المتطوعين إلى مواقع الاتصال، ليتم خلال ذلك جمع الفائض من الطعام في الموقع وجلب الفائض إلى المركز، لتبدأ عملية فرز الطعام كل صنف على حده، إضافة إلى حفظ الصالح منه للأكل في الثلاجة أو توزيعه مباشرة، وتسخين الطعام الصالح للأكل وتجهيزه لتوزيعه، ومن ثم يتم تحديد مناطق الفقراء في الأحياء ليصل إليهم الطعام وهو في حال جيد.