توقعت مصادر رسمية في الرباط أن تقود المحادثات التي تجريها ويندي شيرمان مساعدة وزير الخارجية الأميركي المكلفة الشؤون السياسية مع كبار المسؤولين المغاربة عن تصور متقدم لتطوير الشراكة الاستراتيجية بين واشنطنوالرباط. ولفتت إلى أن الزيارة تُعتبر الأولى من نوعها لشخصية أميركية بارزة منذ اندلاع الأزمة الأخيرة بين البلدين على خلفية مسودة مشروع لتوسيع صلاحيات بعثة «المينورسو» لتشمل رقابة أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء. لكن سحب المسودة الذي جاء بمبادرة من الرئيس الأميركي باراك أوباما، أفسح في المجال أمام عودة الثقة إلى علاقات الصداقة التقليدية بين البلدين. ورجّحت أوساط ديبلوماسية أن تبحث المسؤولة الأميركية مع المسؤولين المغاربة في الإعداد لزيارة يُرتقب أن يقوم بها العاهل المغربي الملك محمد السادس لواشنطن في وقت لاحق هذه السنة تلبية لدعوة من الرئيس أوباما. وستكون هذه الزيارة الأولى من نوعها، إذ لم يسبق لقائدي البلدين أن التقيا مباشرة. لكن الرئيس الأميركي اتصل هاتفياً بالعاهل المغربي وحضه على القيام بدور في معالجة الأزمات الإقليمية، وتحديداً في سورية ومالي، إضافة إلى المساهمة في جهود حل القضية الفلسطينية، خصوصاً أن العاهل المغربي يرأس لجنة القدس المنبثقة من المؤتمر الإسلامي، وهو ما يمكن أن يساهم في احراز بعض التقدم عندما يحين موعد المفاوضات حول مستقبل القدس الشريف في ظل حل الدولتين. وتلتزم الرباط موقفاً داعماً للمعارضة السورية في مواجهة نظام الرئيس بشار الأسد، واستضافت الاجتماع ما قبل الأخير لائتلاف المعارضة السورية. وحظي اجتماع مراكش باعتراف جماعي بالمعارضة كممثل للشعب السوري، لكن واشنطن وحلفاء أوروبيين يعولون أيضاً على دور أكبر للمغرب في مواجهة التحديات الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي. وشكّل ملف الصحراء جانباً محورياً في محادثات المسؤولة الأميركية في الرباط. ونقل عنها القول إن الأهم التزام الأطراف التوصل إلى حل سياسي وفاقي، ووصفت خطة الحكم الذاتي التي تقترحها الرباط أرضية لاستئناف المفاوضات العالقة بأنها «خيار ضمن خيارات أخرى» لكنه يحظى بالصدقية، في إشارة إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة التي وصفت الاقتراح بأنه جدي وذو صدقية. ووضعت زيارتها للرباط في سياق «تعميق الحوار الاستراتيجي مع المغرب». وذكرت «فرانس برس» أن شيرمان قالت للصحافيين اثر لقائها على مدى ساعة ونصف ساعة الوزير المغربي المنتدب في الشؤون الخارجية والتعاون يوسف العمراني ان «وفودنا تعرف بعضها بعضاً جيداً وقد عملت على حل الخلافات وتعزيز علاقتنا اكثر». وأضافت «نعول بشدة على الحوار المتواصل بما يخدم في آن واحد تعزيز تعاوننا والتحديات الإقليمية التي نواجهها في منطقة هي في غمرة التغيير». وأكدت المسؤولة الأميركية ان محادثاتها مع الوزير المغربي تناولت مسائل الأمن والإصلاحات الاقتصادية الى جانب «الإصلاحات الديموقراطية والسياسية» والتي تشكل «حزمة متكاملة». وأكد العمراني «استعداد المغرب لجعل الشراكة الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة أداة فعالة من أجل التفكير في آفاق بناء الاتحاد المغاربي، وإنجاح تكامل إقليمي من شأنه تجاوز الخلافات وتعزيز الاستقرار والتكامل والازدهار الاقتصادي المغاربي». وبعد لقائها ممثلين للمجتمع المدني تلتقي المسؤولة الأميركية رئيس الوزراء عبد الإله بن كيران قبل ان تغادر الى الجزائر في اطار جولة على شمال افريقيا.