بعد أسابيع على انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيساً لإيران عام 2005، استقال حسن روحاني من سكرتيرية المجلس الأعلى للأمن القومي وقيادة الوفد المفاوض مع الترويكا الأوروبية آنذاك في الملف النووي، بعد خلاف مع نجاد. وعزّز هذا القرار سمعة روحاني، باعتباره معتدلاً يرفض النهج الصدامي لنجاد في القضايا الدولية، لمصلحة فلسفة أكثر ليونة، ينتهجها الخصم الرئيس للرئيس المنتخب، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني. وأقصى مجلس صيانة الدستور رفسنجاني عن الاقتراع الرئاسي، لكن كثراً من الإصلاحيين والليبيراليين في إيران، يرون في روحاني (64 سنة) نوعاً من صورة طبق الأصل عن رفسنجاني، إذ يتبنى رؤيته حول قدرة إيران على متابعة برنامجها النووي، وتخفيف التوتر مع الغرب في الوقت ذاته. وقال رسول نفيسي، وهو محلل الشؤون الإيرانية في جامعة «ستراير» في فيرجينيا: «كان رفسنجاني الخيار الوحيد لتنشيط الإصلاحيين، ونال روحاني تأييدهم، فقط لكونه رجل رفسنجاني، ولأن التصويت لروحاني يعني التصويت لرفسنجاني». ويمكن العلاقة العميقة بين الرجلين أن تميّز رئاسة محتملة لروحاني بطابع مزدوج: روحاني وجهاً عاماً ورفسنجاني وراء الكواليس، باعتباره عراباً وحامياً قوياً له. وعلى رغم أن القيادة في ايران توجّه كل السياسات الرئيسة، مثل الملف النووي، قد يتيح التحالف مع رفسنجاني لروحاني هامشاً للتأثير في تكتيكات التفاوض مع الدول الست المعنية بالملف، بعد فشل جولات من المحادثات أخيراً. وكان روحاني تعهد خلال حملته الانتخابية، «تفاعلاً بنّاءً مع العالم» يتضمن جهوداً لتبديد مخاوف الغرب حول البرنامج النووي، ورفع عقوبات دولية أضرّت بالاقتصاد الإيراني. في إشارة إلى الولايتين الرئاستين لنجاد، قال روحاني الأسبوع الماضي خلال تجمّع انتخابي: «لن نسمح بمتابعة السنوات الثماني الماضية التي جلبت عقوبات على البلاد، لكنهم (فريق نجاد) فخورون بها. سأنتهج سياسة مصالحة وسلام، وسنتصالح مع العالم». روحاني، وهو رجل الدين الوحيد بين المرشحين الستة، بدأ دراسته الدينية في سن المراهقة، ولفت نظر الإمام الخميني، بمعارضته الصريحة نظام الشاه. تخرّج عام 1972 في جامعة طهران، مع شهادة في القانون، ثم تابع دراسته في جامعة غلاسكو حيث نال الماجستير في الشؤون القانونية. عاد إلى إيران، مصعّداً نشاطه المناهض للشاه، لكنه فرّ من البلاد تجنّباً لاعتقاله، ثم انضم إلى الخميني الذي كان منفياً في فرنسا، مع الحلقة المقربة منه، وبينهم رفسنجاني. بعد الثورة عام 1979، شغل روحاني مواقع عدة، بينها تنظيم الجيش، كما انُتِخب نائباً وأشرف على هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية. عزّز علاقته برفسنجاني، خلال الحرب مع العراق (1980-1988)، ثم كان أبرز مستشاريه للأمن القومي، خلال تولي الأخير رئاسة ايران (1989-1997). واختاره الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي ليقود المفاوضات مع الغرب في الملف النووي. خلال تلك المفاوضات (2003-2005)، جمّدت ايران موقتاً تخصيب اليورانيوم، لتجنّب عقوبات محتملة يفرضها مجلس الأمن. لكن نجاد عارض بشدة أي تنازلات وصفقات، واصطدم بروحاني الذي أيّد رفسنجاني ضد نجاد، في انتخابات 2005. وبعد اجتماعات متشنجة مع نجاد، استقال روحاني من سكرتيرية المجلس الأعلى للأمن القومي. خلال حملته الانتخابية، حرص روحاني على تجنّب الاصطدام المباشر مع السلطات، في شأن قمع الإصلاحيين بعد انتخابات 2009. ولكنه اعتُبر متحيزاً إلى خصمي نجاد آنذاك، مير حسين موسوي ومهدي كروبي الخاضعين لإقامة جبرية منذ عام 2011. حملة روحاني التي تبنّت اللون البنفسجي، كتبت على موقع «تويتر» الجمعة: «دعونا نفعل شيئاً للاحتفال بالنجاح غداً (أمس)، يوم يمهّد تصويتنا البنفسجي، للأخضر»، رمز الحملة الانتخابية للإصلاحيين عام 2009. ملصق لروحاني في طهران (أ ف ب)