تأملت خبر استقبال الفيليبينيين «الأسطوري» كما نشرت صحيفة «الحياة» نقلاً عن «رويترز»، لكلبة بنت كلب بعد منحها لقب «سفيرة الكلاب للنوايا الحسنة». الكلبة اسمها «كابانج»، وقد استُقبلت في مطار مانيلا الدولي بعد عودتها من رحلة علاجية إلى أميركا استغرقت ثمانية أشهر، ولا أتوقع أنها خضعت لاجتماعات ومزاج أعضاء هيئات طبية هناك للسماح لها بالسفر للعلاج في الخارج. قبل أن يستعجل القارئ واصفاً هذه المجتمعات بأي وصف سلبي، الكلبة ذات العامين حصلت على اللقب والحفاوة، لكونها ضحت بأنفها وأذنيها لإنقاذ أطفال من حادثة دهس، حينما رأت «كابانج» دراجة نارية مسرعةً تكاد تدهس طفلتين فرمت بنفسها على الدراجة فأصيبت هي ونجت الطفلتان، ولأن الفيليبينيين فيهم وفاء جمعوا لها مالاً وتبرع لها آخرون من أنحاء العالم، إذ تم جمع 27 ألف دولار، ورافقها طبيب بيطري إلى كاليفورنيا. الشاهد أن الحيوان هنا يحاول أن يعلمنا لعلنا نتعلم منه، لكننا لم نتعلم سوى من الغراب، ففي الوقت الذي يقتل الإنسان أخاه الإنسان، متفنناً في القتل مختاراً أطفالاً ونساءً متذرعاً بأية تبريرات، نرى كلبة تضحِّي بنفسها لإنقاذ طفلتين. لم تكن الكلبة تسعى لكرسي سفيرة الكلاب للنوايا الحسنة، لم يكن الكرسي وارداً لديها، ولم تتقصد التكالب عليه حين قفزت بنفسها أمام الدراجة النارية. أمر آخر دفعها إلى ذلك هو الوفاء، وهو ما يفتقر إليه الإنسان الذي يبحث عن أعذار وتبريرات للإيذاء والاستيلاء، متجاهلاً حقوق الوفاء. في عالمنا العربي لا تتوافر فرص للكلاب لتكون سفيرة للنوايا الحسنة، مثلها مثل الحمير، هي محتقرة، لأنها وفية في ما يبدو، ومطواعة، وتقدر الجميل، فالغلبة عند العرب للذئاب والأسود والضباع والثعالب، الغلبة للفتك والولوغ في الدماء مع التفنن في ذلك، بشعارات مزيفة، توهم بنوايا حسنة كاذبة. www.asuwayed.com