تدخل المرأة المحجبة موسماً بعد آخر في دائرة الضوء وتتوجه إلى مناص خشبات الأزياء العالمية، إذ تبدو عروض الموضة الإسلامية أكثر حضوراً في كثير من عواصم العالم وبخاصة الأوروبية منها، وقد شهد هذا العام عروض أزياء إسلامية في لندن وعدد من الدول الأوربية والآسيوية. وفي ظلّ هذا التقدّم، احتلت العارضات الإندونيسيات خشبات العرض في أسبوع موضة مخصص للمرأة المحجبة، من خلال تقديم مجموعة من الأزياء الإسلامية والحجاب والعباءات الإسلامية ذات الألوان المختلفة. تبخترت العارضات في مجموعة مميزة من الأزياء تتميز بقصات مدروسة وعصرية لامرأة تسعى إلى التميز في حجابها من دون أن تطمس هويتها الإسلامية. القصات راعت بين العصرية التلقائية من خلال الألوان ومزجها واختيار التحجيبة التي تليق بالزي، فتظهر تفاصيله وتحافظ على احتشامه. بدأت عروض الأزياء الإسلامية عام 2006، حينما قرر رجل الأعمال الماليزي داتو رجاء رضا شاه، إطلاق فعاليات تهدف إلى منح لمسة عالمية وعصرية للأزياء الإسلامية، بالتعاون مع أشهر مصممي الدول الإسلامية الآسيوية، بخاصة في ماليزيا وإندونيسيا. وبعد ذلك، بدأ مصممو الأزياء العالميون بثقافاتهم المختلفة في المساهمة في عروض الأزياء الإسلامية، فأضفوا الكثير من الأناقة والتميز على الزي الإسلامي، مع الاحتفاظ بسمة الاحتشام التي تتميز بها الأزياء الإسلامية باختلاف أنواعها. ولعب الحجاب في هذه العروض دور الأكسسوار المتنوّع، فبدا في كثير من الأحيان أشبه بقبعة تضيف على إطلالة المرأة رونقاً خاصاً، وفي أحيان أخرى أقرب إلى الحجاب التقليدي الذي لا تتخلى عنه المرأة في كثير من المناسبات، مهما تطور شكل التحجيبات. وبرزت الشالات والسترات الطويلة، أو القصيرة الفضفاضة في دور الموازن بين القصات العصرية الضيقة والتقاليد الخاصة بالمحجبات. هذا وتشهد إندونيسيا إقبالاً كبيراً على الموضة، وكل ما يتعلّق بها وبخاصة التي تناسب التقاليد في البلد، والتي ترتكز على المنتجات الإسلامية، في أكبر بلد مسلم في العالم من حيث عدد السكان، وفق ما ذكرت وكالة «فرانس برس» بأحد تقاريرها. وتنشط مجموعة من الإندونيسيات والإندونيسيين في نادٍ يسعى إلى الترويج للمنتجات الإسلامية من حلي ومستحضرات تجميل. ومنذ ثلاث سنوات تشهد إندونيسيا وهي رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان مع 240 مليون نسمة، نمواً سنويا تجاوز نسبة 6 في المئة في السنة فيما زادت عائدات الفرد أكثر من ثلاث مرات منذ عام 2003 وصولاً إلى ثلاثة آلاف دولار تقريباً في 2011 على ما تفيد آخر أرقام البنك الدولي. ما انعكس إيجاباً على القدرة الشرائية، ما دفع بالماركات العالمية إلى اعتماد وجود لهم في إندونيسيا حيث باتت تكثر محال الماركات الفاخرة مثل «لوي فويتون» و «غوتشي» و «شانيل». لا تشكّل الإندونيسيات اليوم مجرد مستهلكات للموضة العالمية، بل استطعن أن يحجزن لأنفسهن مكاناً في تقديم الأزياء إلى العالم ككل، مستهدفات مجموعة من النساء لها خصوصية معنية من لباسها إلى طريقة حياتها، ومع ذلك يعمد المصممون من خلال ما تقدم في أسبوع الموضة المخصص للمحجبات، إلى العمل على تقديم المرأة المحجبة كامرأة عصرية بامتياز، يمكنها متابعة تفاصيل الموضة وارتداء أحدث القصات، التي باتت تتوجه شيئاً فشيئاً إلى أن تكون أكثر عملية ولا تحد من حركة المرأة.