حددت القيادات العاملة على الجبهة الأمامية للبحوث الابتكارية الأميركية، آفاق رؤية للمستقبل، تشمل إمكان تزويد السيارات بالوقود من أشعة الشمس، ومباني يستطيع الإنسان العمل والعيش فيها بصحة أفضل وكفاءة أكثر، كما أن شبكة الطاقة التي توصل الكهرباء ستكون أكثر ذكاءً. ورسم مديرو «محاور الابتكار» في وزارة الطاقة هذا المشهد للمستقبل، عندما وضعوا الخطوط العريضة لمنتدى نقاش في واشنطن خلال نيسان (أبريل) الماضي. وتعكف محاور الابتكار، التي أُنشئت عام 2010 في مواقع عدة في الولاياتالمتحدة، على رسم الخرائط التي تسمح لمجتمعاتنا بمراجعة الأخطار الحالية ورسم مسار لمستقبل يعتمد على الطاقة النظيفة والمستدامة والفعالة والمتوافرة. وتتبع محاور الابتكار نموذجاً في العمل استُخدم بنجاح للتغلب على تحديات كبرى كانت برزت في لحظات من عدم الضبابية في التاريخ الأميركي، وهي تجمع كبار العلماء من الأوساط الأكاديمية والقطاع الصناعي والحكومة، وتوفر لهم ما يحتاجونه ليستطيعوا طرح الأفكار والتعاون والتغلب على الحواجز التي تحد من اعتماد تكنولوجيات الطاقة النظيفة. وأكد نائب وزير الطاقة دانيال بونيمان أن هذه المحاور مكرسة لاستراتيجية الطاقة التي وضعتها حكومة الرئيس باراك أوباما للحد من الاعتماد على النفط الأجنبي والتصدي لأزمة المناخ وخلق وظائف في الطاقة النظيفة مستقبلاً. ولفت إلى أن «المحاور الابتكارية تتميز بخفة الحركة والنباهة والتمويل السريع للتركيز على ما ينجح والتخلي عن الأفكار التي لا تنجح»، مضيفاً أن الكونغرس صادق عام 2012 على استثمار 260 بليون دولار في البحوث. وأنشأت وزارة الطاقة خمسة محاور للابتكار يركز كل منها على قطاع واحد من مشاريع الطاقة، وهي السيطرة على التمثيل الضوئي، وتحسين عمل المفاعلات النووية، وإعادة ابتداع تقنيات البناء، واختراع بطاريات أفضل مع كفاءة أعلى في تخزين للطاقة، وتأمين استمرار تدفق عناصر التربة النادرة وغيرها من المواد الأخرى المهمة. ويركز المركز المشترك للتمثيل الضوئي الاصطناعي، بقيادة معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، اهتمامه على إنتاج الوقود مباشرة من أشعة الشمس. وأشار المدير العلمي ناثان لويس إلى أن التطور الطبيعي في الكرة الأرضية علّم النباتات سُبل استيعاب حاجتها من الطاقة الشمسية، ولذلك اعتبر أن مختبره سينجح في ذلك. ولفت لويس إلى وجود «طاقة شمسية تغمر الكرة الأرضية خلال ساعة واحدة أكثر من كل الطاقة المستهلكة على كوكبنا خلال سنة، ولذلك سيكون من الرائع أن نتمكن من استخدام هذا المورد النظيف الذي لا ينضب، وقوداً لسياراتنا وطائراتنا وسفننا». ولكن إحدى نقاط الضعف الحالية في إنتاج الطاقة الشمسية تتمثل في أن مصدرها متقطع، فعندما يحل الظلام أو يصبح الجو غائماً أو تضرب العواصف، لا تستطيع الشمس تلبية حاجاتنا من الطاقة، ولذلك نحتاج إلى نظام لتخزين الطاقة الشمسية أو نظام بطاريات، لتلبي الطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة، حاجات المجتمع الصناعي بوتيرة متواصلة. ويركز المركز المشترك لأبحاث تخزين الطاقة عمله على حل هذا التحدي العلمي والتكنولوجي، بالتعاون مع مختبر «أرغون» الوطني في مدينة شيكاغو الكبرى. ويدير العالم الرئيس في المختبر جورج كرابتري، جهود المركز لتطوير تكنولوجيات تخزين الطاقة والبطاريات بهدف تحسين درجة الاعتماد على الشبكة الكهربائية، وللدمج الأفضل بين مصادر الطاقة المتجددة في الشبكة، وتعزيز قدرات أداء السيارات الكهربائية والهجينة. وأبلغ كرابتري جمهوره في واشنطن بأن مجموعته تبنت شعار «5 - 5 - 5» لوصف نظام التخزين والبطاريات، الذي تستهدفه، والذي سيزود خمسة أضعاف كثافة الطاقة المتوافرة في وسائل التخزين الحالية بخُمس الكلفة خلال خمس سنوات. يذكر أن نصف الطاقة المنتجة في الولاياتالمتحدة تقريباً يُستهلك في إنارة المباني وتدفئتها وتشغيل الأجهزة الكهربائية فيها، ونجحت الشركات المصنعة لمكونات المباني، من نوافذ ووسائل عزل ومواد بناء، خلال السنوات الماضية، في تحقيق كفاءة أكبر في استخدام الطاقة.