قالت ودموعها تتساقط بغزارة غريبة: «قبلت قدم زوجي الشهيد فتوّجني على رأسه ورفعني إلى عنان السماء... أما هذا فقد قبّلت رأسه فرفسني بقدمه...». قلت وألمها يعتصرني: «الآن فقط عرفت ماذا كان يعني أبي بقوله شتان ما بين الثرى والثّريا». قالت: ليتني بقيت على ذكرى الحبيب. قلت: وما الذي أجبرك على عدم البقاء؟ قالت: لقد استباحوا ما تبقى من ذكريات ، وأصبحت كحجر النّرد تتقاذفه الأيدي... جميعهم أصبحوا عليّ أوصياء. قلت: يريدون تخفيف مصابك. قالت: لاااا... بل تقاسموا شجيرات حديقتي وعلقوا لي المشانق من كل حدب وصوب. قلت: قد تكون أكاليل غار أرادوا أن يزينوا بها حديقة ابنهم الشهيد. قالت ودموعها الغزيرة تجرحني: ليتهم فعلوا... لكنهم اغتالوا حتى ما تبقى من ذكريات، فلم أجد بداً من الموافقة على هذا الزواج.