تمكنت قوات النظام السوري مدعومة من قوات «حزب الله» صباح امس، من الدخول إلى وسط مدينة القصير في حمص قرب الحدود مع لبنان، في وقت أعلنت قيادة الجيش السوري أن قواتها ستلاحق مقاتلي المعارضة «أينما كانوا وفي أي شبر». غير أن «الائتلاف الوطني السوري» المعارض قال إن «الثورة مستمرة» رغم سقوط القصير، وأكد رئيس اركان «الجيش الحر» اللواء سليم إدريس، أن قوات المعارضة «ستنتصر في المعركة»، ملوحاً ببدء استهداف قوات «حزب الله» داخل الأراضي اللبنانية. وعرضت قنوات تلفزيونية تابعة للنظام السوري و «حزب الله» لقطات تظهر سيطرة الجيش النظامي على مدينة القصير الاستراتيجية ودخول دبابات ومدرعات إلى وسط المدينة بعد أكثر من أسبوعين من بدء المعركة تحت قصف جوي عنيف وبعد نحو سنة من حصار خانق. وقال محللون إن السيطرة على القصير يفتح الطريق أمام احتمال تقدم الجيش النظامي و «حزب الله» باتجاه الرستن وتلبيسة في ريف حمص إلى ريف حماة في وسط البلاد، وربط دمشق بالمناطق الساحلية ذات الغالبية العلوية. كما أن ذلك يسد بوابة إمداد أساسية للمعارضة عبر الأراضي اللبنانية. وقالت مصادر معارضة إن أحد أسباب التقدم العسكري الميداني أمس، أن روسيا زوّدت النظام السوري صوراً فضائية لأنفاق يتمركز فيها مقاتلو المعارضة. وقال أحد القادة العسكريين إن 12 صاروخ أرض-أرض سقطت خلال فترة قصيرة على منطقة صغيرة في القصير، وإن 1250 جريحاً سقطوا في هذا القصف. وعزت المعارضة فقدان المدينة الاستراتيجية إلى التفوق العسكري في العدة والعتاد للقوات النظامية و «التدخل السافر» من «حزب الله» مقابل وقوف «العالم المنافق متفرجاً». وأفاد موقع «أخبار ثورة حمص» على «فايسبوك»: «إنها جولة خسرناها، لكن الحرب سجال». وأضاف: « في وجه هذه الترسانة المرعبة ونقص الإمدادات وتدخل سافر من حزب إيران اللبناني أمام سمع العالم وبصره، هذا العالم المنافق الذي لم يستطع حتى فتح ممرات إنسانية للمدنيين والجرحى». وأعلن «الائتلاف» في بيان أنه «بعد 48 يوماً من المعارك المحتدمة على جبهة القصير وبعد ملاحم بطولية قدمها أبطال الجيش الحر في الدفاع عن المدنيين، فرض الاختلال الهائل في ميزان القوى نفسه وتمكن نظام الأسد والميليشيات الإيرانية الداعمة له من التوغل في المدينة والسيطرة على أحياء جديدة فيها»، مشيراً إلى أنه يضع الأممالمتحدة والدول الكبرى «أمام مسؤولياتها في التدخل السريع لحماية المدنيين ووضع حد لممارسات نظام الأسد الانتقامية والممنهجة في سفك دماء الآمنين من أبناء الشعب السوري»، لكنه أضاف: «ستستمر الثورة المباركة، والنصر حليف أصحاب الحق في أنهم صمدوا في مواجهة الظلم والاستبداد». وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) نقلت عن بيان للقيادة العامة للجيش النظامي، أن «قواتنا المسلحة الباسلة تمكنت من إعادة الأمن والاستقرار إلى مدينة القصير وتطهيرها من رجس الإرهابيين بعد سلسلة من العمليات الدقيقة الناجحة التي نفذتها في المدينة وفي القرى والبلدات المحيطة بها نتج عنها مقتل عدد كبير من الإرهابيين واستسلام البعض الآخر وفرار من تبقى منهم». واعتبرت «النصر» الذي تحقق امس «رسالة واضحة إلى جميع الذين يشاركون في العدوان على سورية»، مشيرة إلى أنها «لن تتوانى في ضرب المسلحين أينما كانوا وفي أي شبر على أرض سورية». في المقابل، نقلت «بي بي سي» عن اللواء إدريس تعهده بمحاربة ميليشيا «حزب الله» داخل لبنان، ونفى أن يكون «الجيش الحر» خسر الحرب، على الرغم من سيطرة النظام على القصير، وقال إنه «طلب من قادة الجيش الحر، بمن فيهم المتواجدون بالقرب من مدينة القصير، محاربة مقاتلي حزب الله داخل سورية فقط، لكن هناك أعداداً كبيرة جداً منهم داخل سورية، في القصير وإدلب وحلب ودمشق وفي كل مكان في البلاد». وأوضح أن مقاتلي الحزب «يغزون الأراضي السورية، وعندما يستمرون في القيام بذلك والسلطات اللبنانية لا تتخذ أي إجراء لمنعهم من القدوم إلى سورية، فان ذلك سيسمح لنا بمحاربتهم داخل الأراضي اللبنانية». وبعدما أبدى ثقته بأن قوات المعارضة «ستكسب المعركة ضد النظام»، أقرّ إدريس أن المعركة «ستستمر لسنوات عديدة، وستشهد سقوط المزيد من الشهداء والدمار من دون دعم أصدقائنا في الدول الغربية والولايات المتحدة». إلى ذلك، نفى إدريس إصداره قراراً بعزل رئيس المجلس العسكري في حلب العقيد عبد الجبار العكيدي، الذي كان جال مع قائد «لواء التوحيد» عبد القادر صالح في القصير قبل يومين، منوها ب «شجاعة» العكيدي و «بطولاته التي سيسجلها التاريخ». وأشارت مصادر المعارضة إلى استمرار الاشتباكات إلى يوم أمس، وأن قوات النظام قصفت مناطق في القصير وسط محاولات استعادة أطراف من المدينة من قوات النظام و «حزب الله». وفي باقي مناطق حمص، تعرض قرية البويضة الشرقية لقصف عنيف سقط فيه عدد كبير من الجرحى وسط نقص في المواد الطبية، في وقت دارت اشتباكات على أطراف بلدة الدارة الكبيرة بين الكتائب المقاتلة والقوات النظامية، التي سيطرت على شركة الكهرباء وسط محاولات منها لاقتحام البلدة. وفي حماة المجاورة، شنت طائرات حربية غارات على قرية أبو حنايا وإحدى قرى الريف الشرقي، وسط نزوح للأهالي ترافق مع استمرار الاشتباكات العنيفة في محيط «محطة صلبا» لضخ النفط، التي وقعت فيها انفجارات عنيفة نتيجة استهدافها من الكتائب المقاتلة في محاولة للسيطرة عليها، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وأضاف أن مناطق في بلدة قلعة المضيق في ريف حماة قصفت، ما أدى إلى أضرار مادية واندلاع النيران في المحاصيل الزراعية. وفي ريف إدلب في شمال غربي البلاد، تعرضت قرية الكستن التابعة لمدينة جسر الشغور ومناطق في معرة النعمان، إلى قصف طاول أيضاً بعض قرى جبل الزاوية. وقال «المرصد» إن قوات النظام قصفت منطقة المعامل في بلدة المنصورة في الريف الغربي ومحيط مطار «منغ» العسكري شمال شرقي حلب، والخاضع لحصار مقاتلي المعارضة، وقام مقاتلون بتفجير آلية للقوات النظامية على طريق قرية الجنين في ريف مدينة السفيرة شرق حلب. وفي شمال شرقي البلاد، شنت طائرات حربية غارة على مدينة الطبقة بمحافظة الرقة وعلى مناطق في بلدة تل براك في الحسكة قرب حدود العراق. وفي دمشق، صعدت قوات النظام قصفها لمناطق في معضمية الشام وسط اشتباكات في المدينة، ما أدى إلى سقوط مقاتل من «الجيش الحر» وقتلى من القوات النظامية. وقال «المرصد السوري» إن اشتباكات عنيفة حصلت امس في مخيم اليرموك جنوب العاصمة رافقتها أصوات انفجارات مع قصف على حي الحجر الأسود المجاور، فيما تواصلت الاشتباكات في حي جوبر شرق العاصمة وفي حي برزة شمالها في محاولة من القوات النظامية لاقتحام الحي.