فقدان التواصل الاجتماعي والمجتمعي جعلني ألجأ الى وسائل التواصل الافتراضي على مواقع الانترنت: فايسبوك، تويتر، مدونات أو بلوغز، غوغل، يوتيوب، ايميل، الى آخر الحكاية اللامتناهية في عالم افتراضي جديد لا متناهٍ! فإذا بي أغرق حقيقة في روتين يومي رتيب، كم وددت وأده في أقرب وقت، قبل أن يوئدني في وحدتي الفارغة. تجنبت التواصل الاجتماعي الحقيقي رغبة في عدم الغوص في تفاهات الأحاديث اليومية المملّة مع المتحازبين والمتحزّبين لهذا التيس الطائفي أو ذاك. وبتّ أمضي ساعات طوالاً في دردشات معظمها تافه وسطحي ودنيء وسفلي أحياناً، تجرّني اليها هذه الغاوية أو تلك، من أجل الوصول الى «مساعدتها» للتخلّص من «ورطتها» المالية. أما اجاباتي الدائمة فهي أنني لم أؤسس «مصرفاً» على فايسبوك! أما مع تويتر، فإنني تحسّرت معه على «تفاهات الاحاديث اليومية المملّة». ذلك أنه بات عليّ التأكد من هوية مستعمليه ومن صدقية مواقفهم الدونكيشوتية والهمايونية، وعمّن يموّلونهم، وانتحالهم صفات عير صادقة، أو ترويجهم بضاعة سياسية نتنة. أما «الايميل»، فإنه يرفدني بعروض وهمية لا تتسع لها خزائن المال العملاقة، ولا حتى كوابيس أحلامي، بعد الاطلاع عليها، وذلك من أجل الحصول على رقم حسابي الخاوي في المصرف، والدخول اليه عن بعد. أمّا قصّتي مع «يوتيوب»، فلا تقتصر على متابعتي أفلام المشاجرات التلفزيونية التافهة، بل يدفعني الفضول الى مشاهدة حياة البذخ والترف والعهر والفجور التي يمارسها بعض المتهوّرين العرب، ذكوراً كانوا أم إناثاً، فأُصاب بحال من الغثيان، وأقف مذهولاً على أطلال أضغاث أحلام القومية العربية ووحدة المسار والمصير، وتصمّ أذني قرقعات حفلات الرقص وغيرها، فوق ركام الإجرام اليومي وقتل الشعوب الآمنة وتهجيرها الى خيام في العراء الخاوي من أبسط متطلبات الحضور الانساني البدائي. أما الشبكات العنكبوتية الخلاعيّة، فحدّث عنها ولا حرج. إنه دائماً استغلال عامل الفقر عند كل شعوب الأرض، وبالتالي الاستغلال الرخيص للجسد، لترويج الشهوات وإفساد الأفراد والمجتمعات. هذا غيض من فيض شبكات التواصل الاجتماعي الافتراضي التي يتغنّون بها عن جهل أو عن قصد. إحذروا من ضياع حياة أطفالكم في إغواءاتها وغواياتها.