غاب أبطال قصة معرض «ألوان من الزعتري» عن المعرض المخصص لهم، لكن بلادهم سورية ملأت أرجاء المكان في صالة كارتون الفنية بمدينة دبي. أطفال الزعتري تركوا رحلة التهجير والنزوح المريرة المكتنزة والمحفورة في الذاكرة، ومشاهد القتل والقصف والدمار والتشريد والتعذيب، وأطلقوا العنان لخيالاتهم وريشهم، حالمين بالأمل والغد المشرق لبلاد منكوبة عشقوها، وامتزج ترابها بدمائهم وذويهم. صور ذكرياتهم وتفاصيل حياتهم في لوحات رائعة حبلى بالإنسانية، أسرت رواد المعرض، وأثبتت أن المحن تقوي ولا تكسر. أزهار منازلهم، وأشجارهم الباسقة المتشبثة بالأرض، وأزقتهم الحية، وقراهم ومدنهم، وسحر بحرهم، طغت على صور الدماء وقصف الطائرات والدبابات والصواريخ على رغم وجودها، لتؤكد أن السوري قادر على صنع مستقبله الأفضل. وقالت مسؤولة العلاقات العامة في مؤسسة «لأجل سورية» رولا العجة ل«الحياة»: «إن الغاية من المعرض الذي اختتم فعالياته أخيراً خلق التواصل بين السوريين والعرب في الإمارات مع أطفال مخيم الزعتري، لقد أردنا وضعهم بصورة أطفالنا الحقيقية وإبداعاتهم على عظم المأساة». وأضافت: «عندما تبنينا فكرة المعرض وعملنا على تطويرها كان هدفنا الأساسي أن نتمكن من جلب مؤسسات أو منظمات عالمية فنية أو تعليمية قادرة على تبني هذه المجموعة من الأطفال والفنانين، وتقديم الدعم المعنوي والفني والتعليمي المناسب لهم لتواكب تطورهم وتقدم منحاً دراسية، كما أردنا توفير ممول لمواد الرسم والقرطاسية التي يحتاجونها شهرياً، واليوم تتم مناقشة عرض اللوحات في برشلونة وأميركا مع جهات ومنظمات داعمة مختلفة». من جهتها، أوضحت عضو مؤسسة «لأجل سورية» وأحد المسؤولين عن المعرض ديمة الملكة، أن المعرض يركز على الجانب الإنساني للأطفال لبناء جسور تواصل قوية لهم، ودعمهم، لاسيما أنهم بلا ذنب في آلة الحرب الدموية التي سعت لقتل طفولتهم! تلك الأيام التي سرقت منهم لا شيء سيعيدها، «لتكن تجربتنا محاولة متواضعة جداً على الطريق الصحيح لبناء جيل واع وقوي». وذكرت أن الجانب التعليمي في الزعتري من أسوأ الأمور، إذ يوجد آلاف الأطفال بعضهم أصبح أمياً لانقطاعهم فترة طويلة عن المدارس أو تهربهم من الموجودة في المخيم لأجل العمل مع أهاليهم ومساعدتهم في تأمين مستلزمات الحياة، لافتة إلى أن معاناة الأطفال في الرسم تمثلت في عدم توافر مواد الرسم البسيطة، وكيفية التعامل مع الألوان، فضلاً عن انقطاع الكهرباء في المخيم، ما دفعهم لاستخدام ضوء الهاتف النقال للرسم في الظلام خارج الخيم، في أجواء البرد القارس. وضم المعرض نحو 100 لوحة فنية متنوعة توزعت بين رسومات الأطفال، وكذلك أعمال فنية لأربعة فنانين سوريين، إذ عمد القائمون على المعرض إلى تكبير صورة جماعية للأطفال الذين شاركوا بلوحاتهم في المعرض، واضعين أقلاماً إلى جوار اللوحة لمن رغب في ترك مساحة من قلبه إهداء لأولئك الأطفال المبدعين.