ظهر شباب مخيم الزعتري، وخرجت إبداعاتهم متدفقة خارج حدود المخيم، كأنها تقول، «نحن هنا بحياتنا وآمالنا وثقافتنا، على رغم المآسي والمعاناة». وأقامت مجموعة «ينبوع الشباب» معرضاً فنياً يضم لوحات تجسد معاناة الشعب السوري في مخيمات اللجوء عموماً ومخيم الزعتري خصوصاً، ليكون مفتاحاً للخروج من اليأس وإن لبعضة أيام. واقتصرت الفعالية على خمسة فنانين سوريين إحترفوا الفن في بلادهم، منهم من درس الفنون الجميلة ومنهم من انقطع عن مقاعد الدراسة بسبب الظروف الصعبة. ولكنهم استمروا في ممارسة هواية الرسم التي يعتبرونها متنفساً وحيداً في ظل الأحوال المعيشية السائدة في المخيم. يعبّر محمد الحريري في إحدى لوحاته عن رحلة الشتات واللجوء من سورية إلى الأردن وعن متاع سفره الذي اقتصرعلى قبعة يحمل فيها ريشته واللون الأسود معبّراً به عن واقعه المنتظر. يستخدم الحريري آلية ثلاثية الأبعاد في غالبية أعماله التي تتسم بالغموض وتحمل في كل زاوية معنى مختلفاً عن الآخر مجسدة المعاناة في جميع ظروفها. الحريري الذي درس قواعد الفن وشارك في معارض عدة في بلده ودول عربية انتهى به الحال في مخيم الزعتري فقرر في بداية اللجوء أن يرسم على أقمشة الخيم المتهالكه كغيره من رسامي الزعتري، ومن هنا بدأت فكرة تكوين فريق «ينبوع الشباب» لنقل الصورة الحقيقية عن شباب المخيم. وجمع الفريق رسامين قرروا محاكاة العالم بريشتهم الباكية والضاحكة على حالهم، مناشدين بلوحاتهم الجهات المعنية لتحقيق مطالبهم، فلوحة محمد العماري تروي مشكلة شح المياه وأقنية مياه الصرف الصحي وحق إكمال التعليم، ولوحات أخرى لا يغيب عنها حق العودة. العماري الذي كان مدرساً لمادة التربية الفنية في سورية، أخذ منحى اللوحات ذات الأفكار المتسلسلة في رسمه، ويحكي فيها عن بلده بدءاً بالحصار والشتات، مروراً بامرأة سورية فتية وجميلة تخرج من تحت الركام بإشراقة يوم جديد. وتحقق أحد مطالب سكان المخيم عن طريق رسومه والتي طالبت المنظمات الانسانية بتشجير المخيم، فوضعت شجرة أمام كل خيمة علها تؤنس ساكنيها في وحشة أيام المنفى. أما محمد العوض الذي كان طالباً في كلية الفنون الجميلة في دمشق فلم يتسن له إكمال دراسته الجامعية، شارك في المعرض برسم شخصيات واقعية بواسطة قلم أزرق جاف. وتدعم مجموعة «ينبوع الشباب» التي تضم سبعين شخصاً منظمة «اي ار دي» الدولية المعنية بتخفيف معاناة الجماعات الأقل حظاً وتوفير الموارد التي من شأنها أن تزيد كفاءتهم الذاتية عن طريق القيام بمشاريع تساهم في مساعدة هذه الجماعات لاجتياز الظروف السيئة. يقول منظمو المعرض انهم يحاولون إظهار مواهب شباب المخيم التي هُمّشت، وإبراز الثقافة السورية بعروض مسرحية وموسيقية وغيرها من الفنون خوفاً عليها من التلاشي. المعرض الذي يضم 100 لوحة يغلق أبوابه غداً، بأمسية موسيقية شعرية ينظمها فريق «ينبوع الشباب».