تخلص الكاتبة السعودية فاطمة العتيبي في كتابها الجديد «المرأة السعودية الجديدة»، إلى أن صورة المرأة لن تتغير في الذهنية العامة، ما لم تتعامل الجهات الرسمية مع المرأة كفرد مؤهل يتمتع بحقوق المواطنة دون النظر لجنسه. والكتاب الذي هو عبارة عن مقالات سبق للكاتبة أن نشرتها في صحيفة «الجزيرة»، يلامس ويتلمس قضايا المرأة السعودية، ينكأ الجرح تارة ويسخر ويقسو تارة أخرى، وبين هذا وذاك، لا تفتأ تؤكد الكاتبة أهمية صوت المرأة في وطنها، وعلى استثمار سقف الحرية الذي منح لها، من أجل التعبير عن قضاياها. تراوح صاحبة «احتفال بأني امرأة» في كتابها بين مقاربة صورة المرأة في ذهنية الرجل، إلى الوقوف على تداخل الديني بالاجتماعي في الخطاب الرافض لحضور المرأة ومعاينة حضور الأنثى الجسد، وتلجأ في كل ذلك إلى أسلوب يجمع بين الكتابة الصحافية والمنهج النقدي، إذ لا يمكن أن تعتبر هذه الكتابات، التي اتسمت بالعمق، مجرد انفعالات ومواضيع لحظوية، فهي قادرة، أي مواد الكتاب، على العيش طويلاً وإثارة مزيد من الأسئلة حول قضايا المرأة. والعتيبي تستعمل مناهج ومقولات لكبار المفكرين، من أجل أن تضيء وتتأمل وتتفحص أحوال المرأة السعودية في مجتمع طافح بالذكورية. تقول في مقالة بعنوان: «دروع بشرية» إن المرأة تستحق باقة ورد جوري لكن «ليست كتلك التي يقدمها كتاب الرومانسيات التافهة التي يخدعون بها المراهقات مع أنهم أكثر جلافة من صعاليك العرب! إنها وردة تقدير وإجلال لصبرها وتحملها لهذه الممانعات المتتالية التي يبديها المجتمع الذكوري». وفي «تداخل الديني بالاجتماعي في الخطاب الرافض لحضور المرأة»، وبعد أن تعاين علاقة الخطاب بالسلطة، كما هي عند المفكر الفرنسي ميشيل فوكو والمفكر العربي محمد عابد الجابري، ترى أن المرأة ظلت غائبة عن عملية إنتاج الخطاب، وأن هذا الغياب ليس استثنائياً، «فكل نساء الدنيا كان حضورهن يأتي لاحقاً لحضور الرجل أو تابعاً له!». وتذكر صاحبة «السرديات النسوية» أن الحجة الجاهزة التي يتذرع بها الممانعون لتطوير مشروع إشراك المرأة في الشأن العام، هي أن هناك من قضايا المرأة ما هو أهم فأحوال المطلقات والأرامل مثلاً أولى بالعناية من القضايا المترفة الأخرى، مشيرة إلى أن هذا الخطاب بتذرعه الديني «يدين نفسه بنفسه، ويؤكد حاجة وضع المرأة لمزيد من الخطوات الإصلاحية المتتابعة». تقرأ فاطمة العتيبي معاناة المرأة وتتأمل صورها حتى في الروايات السعودية الجديدة، من خلال حضور الأنثى الجسد، وتعد هذا الحضور يكرس نمطية الصورة عن المرأة وحاجتها للرجل، «كونها بقعة مظلمة يهبها الرجل الضوء متى ما أراد ويحجبه عنها متى ما أراد أيضاً». وتلفت صاحبة «وطن ينبت في العينين» إلى أن المرأة تصور في الرواية السعودية، على أنها مازالت جارية تبحث عن مالكها الوسيم الذي يهبها عذوبة الحياة. رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» خالد المالك يقول في مقدمته للكتاب، إن كتاب العتيبي «يعبر بشكل أو بآخر عن علاقة المرأة بالتنمية والتعليم والوظيفة، ويبرز دورها المؤثر في الحياة، وينبه إلى ظاهرة تهميشها بعدم قبولها في فرص العمل الكثيرة التي ينبغي أن تتاح لها». ويرى المالك أن المؤلفة تضع يدها على الجرح، «وتذهب إلى ما هو أكثر من ذلك، فتتحدث في كلماتها عن حقوق مهمة لا تتمتع بها المرأة، بحجة الخوف غير المبرر عليها»، مشيراً إلى أن القارئ سيجد في الكتاب، «ومضات جميلة وأفكاراً متطورة وتفاعلاً صادقاً نجحت المؤلفة في انتقائها ضمن تفاعلها مع محيطها، وتلمسها لمعاناة المرأة السعودية في كثير من شؤون الحياة.. إنها تأملات أشبه ب(الهمس المدوي)، كما تقول العتيبي».