وصف نواب وخبراء اقتصاد عراقيون قرار المصرف المركزي العراقي بإطلاق بيع الدولار للمواطنين مباشرة، مع رفع سقف الحوالات الخارجية، بالخطوة الجريئة والمثيرة للجدل، مشيرين الى أن الأمر سيُستغل لمصلحة سورية وإيران. وأكد «المركزي» في بيان رسمي، قدرته على تلبية الطلب على العملة الأجنبية بالكامل، بما لا يتقاطع مع قانون مكافحة غسل الأموال، والجريمة وتمويل الإرهاب، كما قرر تعديل تعليمات مزاد العملة الأجنبية ضمن مسعاه للانتقال إلى نظام صرف حر ومنفتح، ومنها إلغاء سقوف مبالغ العملة الأجنبية المباعة إلى المصارف يومياً بهدف التحويل الخارجي. وقرر أيضاً مضاعفة سقوف العملة الأجنبية المباعة نقداً إلى المصارف أسبوعياً. ويحق للمصارف تحديد سعر بيع العملة الأجنبية لزبائنهم وشرائها وإلغاء التحديدات السابقة، إذ يُباع النقد الأجنبي من جانب المصارف للزبائن بحدود خمسة آلاف دولار للزبون في مقابل إبراز هويته المدنية فقط وتلغى الشروط والتفاصيل الأخرى. وأوضح أنه سيواصل التعاون مع الجهات المعنية في مجال مكافحة غسل الأموال وأموال الجريمة والإرهاب وأي تعاملات غير مشروعة، داعياً إلى التقيد بقانون مكافحة الإرهاب. وكان المصرف أصدر تعليمات صارمة تنظم عمليات بيع العملات من جانب المصارف، منها إلزام المعنيين في النشاط العراقي الخاص، من تجار وصناعيين وشرائح منتجة أخرى ممن يستوردون السلع والخدمات ومستلزمات الإنتاج ولوازم التنمية، عند التقدم إلى المصارف الأهلية المشاركة في مزاد العملة الأجنبية لتمويل مستورداتهم عبر التحويل أو فتح الاعتمادات المستندية، الالتزام بسعر صرف مقداره 1189 دولاراً للدينار، بعد تقديمهم الوثائق والمستندات التي تثبت استيرادهم وفق الأعراف الدولية الموحدة للاعتمادات والحوالات المستندية والتعليمات. ووصفت عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية نورة سالم البجاري قرارات «المركزي» بأنها «جريئة» وجاءت رد فعل على الاتهامات الأخيرة التي أطلقها كبار مسؤولي الحكومة بحقه، ومنها تصريحات الأمين العام لمجلس الوزراء علي العلاق. ولفتت إلى «سلبيات كثيرة ستظهر اثر تطبيق هذه التعديلات ومنها إمكان استغلال بعض ضعاف النفوس من زبائن المصارف هذه الآليات لجمع كميات كبيرة من الدولار لتمويل الجهات التي تهرب العملة إلى دول الجوار، خصوصاً تلك التي تعاني من عقوبات اقتصادية، أي إيران وسورية». وأشارت إلى أن «زيادة حجم المتداول من الدولار يعني تكريس ظاهرة الدولرة التي تعاني منها السوق العراقية بسبب انعدام ثقة المواطن بعملته الوطنية. وقال خبير الاقتصاد عماد العبود: «كان يفترض بالمركزي التدرج في تغيير التعليمات السابقة وصولاً إلى هذا التحرر الكامل، وأعتقد أنه يحاول التحضير لمرحلة حذف الأصفار من العملة الوطنية ورفع قيمتها إلى دولار واحد للدينار». وأكد أن «المركزي هو جهة فنية لا رقابية ولا يمتلك آليات لمراقبة السوق، وهنا ستقع مسؤولية مراقبة تهريب العملة وتمويل الإرهاب والجريمة وغسل الأموال، على عاتق جهات أخرى معظمها للأسف غير مختص ولا يملك كوادر مدربة». وكان العلاق أكد أن «أقل من خمسة في المئة من التحويلات الخارجية هي قانونية، والمبالغ التي هربت إلى الخارج خلال السنوات الماضية تقدر ب180 بليون دولار»، موضحاً أن «الحكومة عندما تحض المركزي على تكثيف رقابته على حركة الأموال، فإن ذلك لا يعد تدخلاً في عمل البنك، بل يهدف الى الحفاظ على المال العام». ولفت إلى «مطالبة المركزي بتشديد الرقابة على حركة الأموال وتفعيل مكتب المفتش العام الذي عيّنه رئيس الوزراء، إلا إن البنك رفض فكرة المفتش وتعهد باتخاذ بعض الإجراءات التي تحد من عمليات تهريب العملة ومراقبة عمل المصارف. لكن الحكومة لم تلمس أي نتائج للإجراءات ووصلت الأمور إلى أن يُحوّل من العراق 180 بليون دولار من دون مستند أو وثيقة تحويل أو إخراج، لا سيما أن هذا المبلغ يمثل نصف إيرادات البلاد خلال السنوات الماضية وإخراجه تم وفق عمليات وهمية تحمل عناوين مبطنة، ما يثير الريبة والتساؤل». وأكد «المركزي» أن «مزاد العملات الذي يشرف عليه منذ العام 2004 باع نحو 200 بليون دولار للزبائن، وهي مصارف أهلية وشركات تحويل مالي، إذ تتراوح معدلات البيع اليومية بين 125 و200 مليون دولار خلال خمس جلسات أسبوعياً».