استحدث «المصرف المركزي العراقي» مديرية مختصة بمكافحة تبييض الأموال لمواجهة تفاقم هذه الظاهرة، وأعلن أنها تعمل وفق ضوابط مشددة للحد من جرائم تبييض الأموال. وأوضح النائب عبد الحسين الياسري الذي قضى فترة طويلة في إدارة «مصرف الرافدين»، في تصريح إلى «الحياة»، أن القوانين المصرفية في زمن النظام السابق كانت صارمة جداً، وقال «أما الآن وبعد تحول العراق إلى اقتصاد السوق، فقد ألغيت القوانين السابقة، وكان يجب على المصرف المركزي البدء بخطوة تأسيس مديرية خاصة بتبييض الأموال منذ عام 2004. والآن لا توجد أي مراقبة لعمليات التحويل الخارجي للعملات، بل هناك تسيب كامل ما يسمح لأي مكتب صغير بتحويل أي مبلغ إلى أي بلد». ولفت إلى أن تبييض الأموال في العراق يستغل لتمويل الجهات الإرهابية، كما تستفيد من هذا النشاط جهات تعمل في تزوير العملات، إضافة إلى مافيا النصب والاحتيال وجرائم المخدرات. وأكد أن المافيا الدولية تضع العراق في طليعة الدول التي تصلح لنشاطها. واتهم الياسري بعض المصارف الأهلية ومكاتب الصيرفة والشركات المالية بتهريب الأموال للخارج لمصلحة جهات مختلفة. وشرح أنه عندما كان مديراً ل «مصرف الرافدين»، كانت هناك «جهات دولية معنية تعمم على الدول لوائح بأسماء المشبوهين وحتى الشركات المتعاملة بتبييض الأموال، وهنا نضعها على لائحة سوداء. ويستمر هذا التعاون الدولي حالياً، لكن للأسف بعض المصارف العراقية غير متعاون، وهمه فقط تحقيق أرباح». ورأى أن المصرف المركزي لا يسيطر على القطاع المالي والمصرفي في العراق، وقال «هناك أموال ضخمة تهرب لمصلحة جهات لا يمكنني كشفها حالياً، بل كل من يريد تهريب الأموال يستطيع ذلك بكل سهولة فكل الجهات تمارس التحويل الخارجي». وأوضحت عضو اللجنة الاقتصادية النيابية نجيبة نجيب، أن «جرائم تبييض الأموال بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة بطريقة محترفة داخل البلد، يصعب على رجال الأمن الاقتصادي كشفها، وهناك جهات مدربة في الخارج لإتمام العمليات بحرفية وهي قادرة على خداع أي جهة، يقابلها ضعف في مستوى الخبرات المحلية التي لم تتعامل سابقاً» مع هذا النوع من الجرائم الدولية. واتهمت بعض التجار العراقيين، وبمساعدة من بعض الدول الإقليمية، بالترويج للتجارة بالمواد المحرمة في عمليات تنطوي على تبييض أموال. ولفتت إلى أن استمرار هذه الجرائم سيعجل انهيار الاقتصاد العراقي. غير أن المدير العام للإحصاء والأبحاث وليد عبد النبي أكد ل «الحياة» أن قانون المصرف المركزي لعام 2004 عالج موضوع تبييض الأموال، وهناك مكاتب مختصة برصد حركة المال داخل العراق للتصدي لهذه الجرائم. وتابع «هناك تنسيق بين المصارف العراقية ومكاتب مكافحة تبييض الأموال من جهة، ووزارة الداخلية من جهة أخرى. كل التحركات النقدية مراقبة، إضافة الى مراقبة حجم الصادرات والواردات من العملات في مختلف المنافذ الحدودية». وأشار إلى أن «حركة الأموال تنساب بكل يسر ولا مخاوف جدية من عمليات تهريب للعملة لأن العراق يتمتع بموارد نقدية كبيرة بعد اعتماده الاقتصاد المفتوح».