أعلن المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن في ألمانيا أواسط الشهر الجاري أن الاقتصاد الألماني نما في الربع الأول من السنة 0.1 في المئة فقط، ما وصفه خبراء اقتصاد ب «المرور على حافة الركود الاقتصادي» بعدما توقعوا تحقيق نمو نسبته 0,3 في المئة. وجاء ذلك بعد تباين الآراء خلال الأشهر الماضية حول مدى تأثر ألمانيا بأزمة اليورو وإمكان انتقالها إليها هذه السنة. وعلى رغم سلبية النتيجة إلا أنها جاءت أفضل من المتوسط العام لمنطقة اليورو التي سجلت انكماشاً نسبته 0,2 في المئة. ولم يربط المكتب الارتفاع الطفيف للنمو خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة بتداعيات أزمة اليورو كما اعتقد بعضهم، بل بالانعكاسات السلبية التي سببها الشتاء القارس والطويل الذي هيمن على البلاد هذه السنة في شكل غير اعتيادي، خصوصاً في شباط (فبراير) وآذار (مارس) الماضيين، حين توقف العمل في شكل كامل تقريباً خارج المباني المغلقة. وعزا المكتب النمو المسجل إلى «الاستهلاك الداخلي الذي تزايد منذ مطلع السنة»، في حين أظهر استطلاع فصلي تجريه مؤسسة «كريديت فوروم» مع ألف ألماني أن معظمهم يعتبرون أن وضعهم المادي «جيد» حالياً، ما يشجعهم على الاستدانة من المصارف لشراء بعض السلع. وأظهرت النشرة الاقتصادية الشهرية التي تصدرها غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية أن بعدما أوقفت الشركات الألمانية أخيراً استثماراتها وخططها للتوسع، إثر قلقها من استمرار أزمة الديون الأوروبية، عاد المسؤولون عنها إلى مراجعة قراراتهم بعد ورود بيانات وتوقعات اقتصادية مطمئنة. وأبرز هذه التوقعات جاء من الداخل أي من مؤشر «إيفو» الذي سجل الشهر الماضي ارتفاعاً جيداً في تفاؤل الشركات الألمانية للمرة الأولى منذ أشهر عدة، إلى جانب تراجع البطالة إلى ما دون ثلاثة ملايين شخص، كما وردت بيانات اقتصادية إيجابية من الخارج أيضاً، وتحديداً من الصين والولايات المتحدة. التجارة وعقب فترة شهدت تراجعاً في الصادرات والواردات أواخر العام الماضي، زاد الطلب الدولي من جديد على الإنتاج الألماني، في حين الاقتصاد سجل في الربع الأخير العام الماضي انكماشاً بلغ 0,7 في المئة بدلاً من 0,6 في المئة، علماً بأن معدل نمو الناتج المحلي عام 2012 بلغ 0,7 في المئة، بحسب المكتب الاتحادي للإحصاء. وأعلنت وزارة الاقتصاد أخيراً ارتفاع الطلب على الصادرات الألمانية في آذار الماضي 2,2 في المئة، مقارنة ب0.5 في المئة توقعها خبراء اقتصاد. وأضافت: «يبدو وكأن الصناعة الألمانية نهضت من كبوتها وتجاوزت محنتها، ما يمكن أن يشكل نقطة انطلاق جيدة لنموها». وعلى رغم أن إجمالي قيمة الصادرات خلال الربع الأول بلغ 271,8 بليون يورو، بانخفاض نسبته 1,5 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي، توقع رئيس نقابة التجارة الخارجية وتجارة الجملة أنطون برنر نمو الصادرات نهاية السنة ثلاثة في المئة، لافتاً إلى «ظروف جيدة لذلك». ورأى كبير خبراء مصرف «كوميرتس بنك» يورغ كريمر أن الطقس القارس في آذار خفّض معدل النمو 0,2 في المئة، مؤكداً أن الربع الحالي «سيشهد انتعاشاً اقتصادياً أعلى، وأن أعمال البناء الخارجية التي توقفت ستستعيد بسرعة ما خسرته خلال فصل الشتاء». وبغض النظر عن المصاعب، يبدو أن الاقتصاد الألماني مستمر في مواجهة تداعيات أزمة اليورو بنجاح، خصوصاً على مستوى ضمان أعلى نسبة من العاملين في البلد. وكما كان متوقعاً، هبطت البطالة نهاية الشهر الماضي إلى ما دون ثلاثة ملايين شخص، متراجعة من 7,1 إلى 6,8 في المئة، ما يؤشر إلى ازدياد النشاط الاقتصادي في مقابل تزايد متوسط البطالة في دول منطقة اليورو من 12,1 إلى 12,2 في المئة. وبما أن أسعار أسهم مؤشر «داكس» في بورصة فرانكفورت تشكل أحد معالم النشاط والنمو، واصل المؤشر قفزاته إلى حد اختراق حاجز ال8400 نقطة أكثر من مرة أخيراً، مخلفاً وراءه بأشواط الرقم القياسي الذي سجّله عام 2007 والبالغ 8105 نقطة. ورأى خبراء مال أن «نشوء ظروف مالية واقتصادية مناسبة في البلاد وفي العالم حالياً تسمح باستمرار صعود أسهم مؤشر الأسهم الألمانية إلى مستويات قياسية أعلى.