حقَّق مؤشر «إيفو» الاقتصادي الألماني، أهم مؤشر عن حالة البلاد، ارتفاعاً مفاجئاً منتصف شباط (فبراير) الماضي مظهراً أن تقويمات الشركات ورجال الأعمال للمرحلة المقبلة متفائلة جداً على عكس توقعات خبراء ومراقبين. وارتفعت توقعات المستطلعين شهرياً، وهم مسؤولو 7 آلاف شركة، من 98,9 إلى 100,6 نقطة، واندفعت أجواؤهم من 94,6 إلى 95,8 نقطة، إضافة إلى تحسّن تقويمهم لوضعهم من 90,4 إلى 91,2 نقطة. وأوضح معهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ الذي يصدر المؤشر دورياً، أن الأجواء الإيجابية «تعكس تزايداً في الدلائل على أن الاقتصاد الأكبر في أوروبا يسير بخطوات متسارعة إلى الأمام» بعد الانكماش التاريخي الذي أصابه العام الفائت عندما سجَّل نمواً سالباً من 5 في المئة. وأضاف أن الاستفتاء أظهر أيضاً أن الصناعة التحويلية في البلاد تحسَّنت بصورة لافتة مطلع السنة الحالية، بخاصة ما يتعلق بصادراتها. وفي المقابل لا يزال قطاع صناعة الآلات في الحضيض وبدأت الشركات العاملة فيه تخطط لصرف مزيد من العاملين لديها. وأعلن اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية أيضاً، أن الاستطلاع الأخير الذي أجراه مع 25 ألف شركة في البلاد ونشر نتائجه أفاد بأن الشركات المتفائلة تجاوزت المتشائمة للمرة الأولى منذ بداية الأزمة العالمية أواخر صيف 2007، ويتوقع نمواً جيداً لاقتصاد البلاد يصل إلى 2,3 في المئة. وجدَّد كبير خبراء الاتحاد فولكر ترير توقُّعه بخسارة الاقتصاد الألماني بليوني يورو تقريباً بسبب الشتاء القارس والطويل الذي شهدته البلاد هذه السنة وتعطيله مشاريع البناء فوق الأرض، ما يكلِّف الناتج المحلي في الربع الأول 0,4 في المئة و0,1 في المئة على مدار السنة. ووافق على أن مشاريع عمرانية ستُستأنف لمجرد أن يتحسن الطقس، لكن تأخر تنفيذها إلى السنة المقبلة يدفع النمو المتوقع لهذه السنة إلى التراجع. ولفتت النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة أخيراً عن غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية إلى أن وزارة الاقتصاد الألمانية صحَّحت أخيراً بصورة إيجابية جداً معدل النمو الذي حققته الطلبات على الصناعة نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر). وأفادت الوزارة في بيان لها بأن الزيادة بلغت فعلياً 2,8 في المئة وليس 0,2 في المئة. وفي حينه أثارت الزيادة الطفيفة التي أعلنت شكوكاً حول صحة الكلام عن بدء تعافي الاقتصاد الألماني. وعلى رغم التعديل الإيجابي فإن مفعوله لن يظهر سريعاً ولن يساهم في تحسين معدل النمو في الربع الأخير من العام الماضي كما ذكر خبير المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن نوربرت ريت، موضحاً أن بين تسجيل الطلبات وانتهاء الإنتاج فترة قد تمتد إلى ستة أشهر. وعقَّب خبير النمو في معهد ميونيخ كاي كارستنسن بالقول: إن نتائج الاستفتاء الأخير «يؤكد تقديراتنا بسير اقتصاد البلاد على طريق التعافي». وقالت وزارة الاقتصاد إن عجلة الاقتصاد التي عادت إلى الدوران تأثرت أخيراً سلباً بصورة أقل مما كان يُعتقد. وتوقعت «أن يسجل الإنتاج الصناعي في الربع الأول الحالي بعض التحسن». وسجلّت الصناعة الألمانية في كانون الثاني (يناير) الماضي أيضاً زيادة عالية في الطلب عليها للمرة الأولى بهذا الحجم منذ ثلاثة أعوام بحسب مؤشر الشراء «ماركيت بي ان إي». وذكر مسؤولو المؤشر أن ارتفاعه سُجّل للمرة الرابعة على التوالي وسجَّل الشهر الفائت 53,7 نقطة بزيادة نقطة واحدة عن مؤشر كانون الثاني. وأظهرت الشركات الصغيرة والمتوسطة تفاؤلاً غير عادي هذه المرة، عكسه مؤشر مؤسسة الاستشارات «إرنست ويونغ» الذي نُشرت نتائجه أخيراً على خلفية استطلاع شمل 3 آلاف شركة ومؤسسة تشغَّل كل منها بين 30 و2300 شخص. وكانت شركات الخدمات على أنواعها الأكثر تفاؤلاً بمستقبل أعمالها. لكن الحكومة الألمانية لا تزال تبدي حذراً وتشكُّكاً في الانتعاش الحاصل في البلاد لمعرفتها بأن الإطار العام للاقتصاد الألماني أوروبياً ودولياً لا يزال مليئاً بالعوائق والمفاجآت. وتعرف أيضاً أن الانتعاش النسبي الحاصل لا يزال غير ذاتي الحركة ويستند بقوة إلى برنامجي دعم النمو الحكوميين وحجمهما نحو 115 بليون يورو و 480 بليوناً على التوالي خصَّصتهم الحكومة لإنقاذ القطاع المصرفي والمالي في البلاد. ما دفع وزير الاقتصاد راينر برودرله إلى الاكتفاء برفع توقع حكومته لمعدل النمو هذه السنة من 1,2 إلى 1,4 في المئة فقط. مبرراً «بأن الحكومة تبقى حذرة كرجل الأعمال الجيد» وقال: أعتبر أن وضع ألمانيا «جيد حالياً على رغم أقسى أزمة عانتها منذ 1945».