الطائفية في العراق ليست صناعة عراقية كما يحاول البعض تسويقها الى عقول العراقيين والرأي العام العربي والدولي، فهي حالة جاءت بها أحزاب الاسلام السياسي وتياراته الى العراق مع الاحتلال، تلك القوى السياسية والميليشيوية تدين بولاء كامل لإيران، وأغلبها تشكل وترعرع في إيران ابان الحرب العراقية – الإيرانية. الاستراتيجية الفكرية والسياسية والأمنية التي تحكم تلك القوى وتفرعاتها عالمية وليست محلية، فهي تدور في فلك استراتيجية المشروع الإيراني في شكل كامل، مكملة بعضها بعضاً، سواء في العراق أو بلاد الشام أو منطقة الخليج العربي واليمن وباكستان والهند وشمال أفريقيا. لم تجد تلك التيارات المؤدلجة فكرياً والموجهة سياسياً واستخباراتياً وسيلة للاستمرار في السلطة سوى في خلق «الحالة الطائفية» عبر تفجيرات واغتيالات ذات طابع مناطقي يسوّق لها الإعلام التابع والممول إيرانياً على انها استهدافات الغاية منها طائفية، لإشاعة حالة ذعر ورعب لدى الفريقين، وبالتالي تحقيق الغاية التي تقف وراء تلك الممارسات المدروسة، بتجييش مشاعر العراقيين تجاه بعضهم بعضاً، وخندقة المناطق السكانية طائفياً والالتفاف حول تلك القوى والاحزاب والميليشيات، واستخدامها في تنفيذ السياسات الأمنية والعسكرية والسياسية والإعلامية الإيرانية لخدمة المشروع الفارسي الكبير بالسيطرة على مناطق إنتاج الطاقة ومناطق صناعة القوة الدولية والتفوق الإقليمي. لم تتمكن إيران من السيطرة على المناطق العربية والاسلامية عبر الخطاب القومي وبالأهداف الواضحة للأمة الفارسية، لذا استخدمت خطاب العاطفة المذهبية في تسويق الحالة الفارسية ووظفت الخطاب الشيعي في اختراق الجسد العربي والاسلامي، ووضعت نفسها ظاهرياً في موضع الدفاع عن المذهب الجعفري أو التشيّع، كي تتمكن من استقطاب أبناء الطائفة في العالمين العربي والاسلامي، وفي الوقت نفسه وقفت إيران الى جانب أرمينيا المسيحية ودعمتها في حربها ضد اذربيجان الشيعية، ناهيك عن مجازر النظام الإيراني بحق عرب الأحواز الشيعة.