لم تتوقف التفجيرات الكبيرة في بغداد طوال الاسبوع الجاري، وقد ضربت خلال الايام الماضية عشرات الاحياء الشيعية والسنية، وراح ضحيتها المئات، فيما ارتفع مستوى الخوف من انفجار حرب اهلية، وتراجعت الآمال بحل سياسي يخمد نار الازمة المستمرة منذ شهور، ما دفع الأممالمتحدة إلى التحذير من ان «العنف الممنهج يمهد لانفجار كبير في اي لحظة إذا لم يسع القادة العراقيون على الفور إلى اخراج البلاد من هذه الفوضى». وعلى رغم انسحاب سكان بغداد من الشوارع، خوفاً من موجة العنف المتواصلة، سقط امس ما لايقل عن 180 قتيلاً وجريحاً بانفجار تسع سيارات مفخخة في احياء متفرقة، صاحبتها عبوات ناسفة وعمليات اغتيال تنفذها جماعة مجهولة. وفي محاولة منه لطمأنة الاهالي جال رئيس الوزراء ليل اول من امس في شوارع بغداد وتحدث الى الجنود عند نقاط تفتيش، بعد ساعات من جولة مشابهة نفذها نائبه لشؤون الخدمات صالح المطلك بحثاً عن ادلة عن انتشار «نقاط التفتيش الوهمية». ووجود المالكي (الشيعي) والمطلك (السني) في جبهة واحدة، لم ينجح في نزع فتيل الازمة التي تفجرت مع التظاهرات السنية التي بدأت في الانبار نهاية العام الماضي وانتشرت الى مدن أخرى ضد الحكومة المتهمة بممارسة التمييز الطائفي، والإقصاء، لكن جذورها ترجع الى ابعد من ذلك وتتعلق باستمرار شعور السنة في العراق بأن الصفقة التي على اساسها بنيت العملية السياسية منذ عام 2003 اقصتهم من المعادلة لصالح تحالف الشيعة والاكراد. واتخذت الازمة شكلاً اكثر وضوحاً بعد الانسحاب الاميركي نهاية عام 2012 واقصاء نائب الرئيس طارق الهاشمي من المعادلة، ومن ثم فشل تحالف جمع السنة والاكراد وتيار الصدر في إطاحة المالكي. ولم ينجح القادة العراقيون منذ ذلك التاريخ بعقد مؤتمر وطني للبحث في الخلافات المتزايدة التي انعكست بدورها على الشارع العراقي، ومن غير المتوقع ان ينجحوا في ذلك في الفترة التي تفصلهم عن الانتخابات العامة بداية عام 2014 ، بعدما فشلت الانتخابات المحلية في آذار (مارس) الماضي في تغيير الخريطة السياسية. وليس سراً أن العراق يتأثر بشكل مباشر بمجريات الصراع على الارض في سورية، حيث وضعت العراقيين، سنة وشيعة، امام اختبار الولاء الطائفي، في ظل فشل الحكومة بالوقوف على الحياد. الاسبوع الدامي العراقي شهد نشاطاً ديبلوماسياً اميركياً، تمثل باتصالات أميركية مع الجهات العراقية المختلفة للضغط من أجل انعقاد مؤتمر وطني شامل. لكنالمعلومات التي رشحت عن تلك الإتصالات نهاية الاسبوع، أشارت الى انها ركزت على القضية السورية، واقترحت دوراً عراقياً جديداَ فيها، كرسته زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم التي اعلن من خلالها مشاركة بلاده في مؤتمر «جنيف2». من جهة أخرى نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ممثل الامين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر قوله أمس ان «الوضع يمكن ان يسوء اكثر (...) ولو كان هناك توافق سياسي لكان الامن في وضع افضل». واضاف ان «ما نراه اليوم هو غياب الاتفاق السياسي، فيما يتصاعد العنف الطائفي»، مضيفا «نشعر بقلق حقيقي». وتابع ان «العنف الممنهج يمهد للانفجار في اي لحظة اذا لم يسع القادة العراقيون على الفور إلى اخراج البلاد من هذه الفوضى». وكان كوبلر اعرب خلال لقاء مع لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاوروبي الاربعاء عن «مخاوف جدية من ارتفاع وتيرة العنف في العراق، وخطر عودة الصراع الطائفي إلى البلاد في حال عدم اتخاذ القادة السياسيون إجراءات حاسمة». واضاف إن «البلاد تقف عند مفترق طرق،» داعيا الاتحاد الاوروبي الى لعب دور اقوى في التعامل مع التطورات التي تشهدها البلاد.