مع تدخين سيجارة مفردة، تتسرّب إلى الجسم غازات سامّة يصل مجموعها إلى قرابة 300 مركب كيماوي. ومن المستطاع تقسيم هذه الغازات إلى خمس مجموعات: - مواد مُسرطِنة Carcinogen تساهم في حدوث السرطان بفاعليّة. - مواد مُساعدِة للمواد المُسرطِنة «كو كارسينوجين» CO - CARCINOJEN. - النيكوتين: هو سمّ في منتهى القوة، إذ يكفي 40 ملليغراماً منه لقتل كائن بشري. وتتراوح نسبته في أصناف السجائر بين 2 في المئة و6 في المئة، إذ تحتوي السيجارة على ما يتراوح بين 0.5 و 2 ميللغرام. - مواد مُهيّجِة : تلحق أضراراً بالقصبة الهوائية وتشعّباتها، بواسطة تهيّج الأغشية المخاطيّة الواقية في هذه الأعضاء. - الغازات : خصوصاً أول أوكسيد الكربون، الذي ترتفع معدلاته في السيجارة فوق المستوى الذي يعتبر مأموناً في الصناعة. سحابة الدخان في كل مرة نخرج سيجارة من علبتها، ونشعلها ونستنشقها، نحصل بصورة رئيسة على سحابة دخان مملوءة بمواد مركبة تتجمع في الفم، ويؤدي استنشاقها إلى نوع من التدمير الذاتي. إذ تحتوي جدران المجاري التنفسية نتوءات مثل الشعر، تتحرك باستمرار لمنع الغبار والبكتيريا من دخول الرئتين. ويؤدي استنشاق دخان السيجارة إلى شلل موقت لهذه النتوءات الشعرية الأمر الذي يؤدي إلى تباطؤ عملها، فتتدفق المواد المضرّة إلى الرئتين. وإضافة إلى هذا، يحتوي دخان التبغ على جسيمات صلبة أيضاً، تتكثف كي تشكّل قطراناً كثيفاً يترسب على جدران الشعيبات الرئوية، وبسبب الشلل الموقت للنتوءات الشعرية فإن هذه الجسيمات الصلبة تستقر في الرئتين. وإذا افترضنا أن شخصاً ما يدخن علبة (20 سيجارة) يومياً، فإنه يدخن 7300 سيجارة سنوياً، تحتوي 124 غراماً من القطران. ولذا، فإن السعال المحمّل بالبلغم الذي يعزى إلى التدخين، هو محاولة الجسم وبخاصة الرئتين وجهاز التنفس، لطرد هذه المواد الضارة، لكنه أيضاً دليل على تراكم هذه المواد وتغلغلها في أنسجة الجهاز التنفسي، خصوصاً الرئة. ومع مرور الوقت، من الممكن أن تصاب المجاري التنفسية بأضرار دائمة. وتاليّاً، تفقد الرئتان مرونتهما ما يتسبّب في حدوث «انتفاخ الرئة» («إمفيزيما» Emphysema) ومرض «الالتهاب الشعيبي المزمن» («كرونك برونكايتس» Chronic Bronchitis) إضافة إلى مشاكل صحيّة أخرى. وتحتوي «سحابة دخان» أيضاً على أول أكسيد الكربون، وهو غاز سام يُمتصّ من الدم بسهولة أكثر بكثير من الأوكسجين، ما يحرم الجسم مباشرة من قرابة 8 في المئة من الأوكسجين. وكذلك يُحدث التدخين صعوبات في التنفس، وتكون النتيجة نقصان محتوى الدم من الأوكسجين، ما يجبر القلب على العمل بصورة أسرع، فيرهق بالتدريج إلى أن يفشل في إداء عمله. وفي السياق عينه، يعمل النيكوتين على تضييق الأوعية الدموية وتصلبها، ما يزيد العبء على القلب أيضاً بفعل ارتفاع ضغط الدم. ولهذه الأسباب، يصبح المدخن أكثر ميلاً للإصابة بأمراض في الشرايين التاجيّة التي تُغذي عضلة القلب. وبالمقارنة بغيرهم، تظهر هذه المشكلة لدى المدخنين بصورة مبكرّة. يعتبر سرطان الرئة من أبرز المخاطر التي تهدد حياة المدخنين عموماً، بفعل احتواء السجائر مواد مُسرطِنة وأخرى مساعدة لها. وينطبق الوصف عينه على سرطانات الفم والحنجرة. ويرتفع معدل الأخيرة عند المدخنين بقرابة 70 ضعفاً عن سواهم. كما يزيد التدخين معدل الإصابة بسرطانات المريء والمعدة والمثانة. ويشكّل التدخين مشكلة واسعة. إذ ربما امتلك المُدخّن الحق في ممارسة هذا الانتحار الخفيّ، لكن ليس له الحق في تسميم هؤلاء الذين يوجدون بالقرب منه، سواء كانوا زملاءه في العمل أم رفاق طريقه أم زوجته وأولاده. ومع المخاطر التي يحملها التدخين إلى الحامل، فإن الجنين يُصاب بأذى لا ذنب له فيه، بل أنه يرتكب بحقه حتى قبل ولادته.