بعد ساعات من محاولة انتحاري اغتيال مساعد وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف كان أيمن الظواهري يوجه رسالة جديدة الى الباكستانيين يحضهم فيها على دعم «المجاهدين» ضد الجيشين الأميركي والباكستاني. ولم تكن ثمة حاجة الى الحدثين لاستنتاج ان السعودية وباكستان هما في طليعة لائحة الأهداف التي حددتها «القاعدة».يمكن القول ان السعودية كانت مستهدفة منذ اللحظة الأولى. تركيبة الفريق الذي نفذ «غزوتي واشنطن ونيويورك» كانت بالغة الدلالات. كان الهدف إثارة أزمة كبرى بين الولاياتالمتحدة والسعودية. أزمة تؤدي الى شكوك عميقة ووضع البلد وليس بعض أفراده موضع اتهام. لم تتوهم «القاعدة» بالتأكيد ان هجمات 11 أيلول (سبتمبر) ستؤدي الى اندحار القوة العظمى الوحيدة. كان هدفها إشعال خط تماس بين العالم الإسلامي والغرب وتحديداً بين السعودية والغرب. وليس سراً أن الغرض من إشعال مناخات الشكوك والمواجهة هو الاستقطاب والتجنيد لتغيير الوضع القائم في مواقع أساسية في العالم العربي والإسلامي مثل السعودية ومصر وباكستان. السعودية مستهدفة منذ اللحظة الأولى. الأسباب كثيرة. الثقل الإسلامي لهذه الدولة. والثقل العربي. والدور الذي تلعبه كقوة استقرار في العالم العربي والإسلامي مستفيدة من قدراتها المالية الاستثنائية وعلاقاتها الدولية المؤثرة. زعزعة استقرار السعودية نقطة ثابتة في برنامج «القاعدة» والمجموعات التي تدور في فلكها. استقرار السعودية ودورها في دعم الاستقرار في المنطقة هما سبب دائم للاشتباك مع المجموعات التي تعتاش من البؤر الملتهبة والسيارات المفخخة والعمليات الانتحارية وانحسار سيطرة الدولة وتنامي النزاعات المذهبية ومشاعر الكراهية والرفض الدموي للآخر المختلف في معتقداته أو تفسيراته. نجحت السعودية في تطوير أجهزتها الأمنية لمواجهة هذه الحرب الجديدة التي تستهدفها. أدركت أيضاً أن المواجهة يجب أن تكون شاملة. بلورت سياسة المناصحة وتصدت لمحاولة الإرهابيين توظيف المدرسة والمسجد لتجنيد المزيد من المتطرفين. وجهت الى الإرهاب ضربات موجعة كان آخرها اعتقال مجموعة ال 44. رد المتطرفون بمحاولة اغتيال مساعد وزير الداخلية كأنهم يفتحون فصلاً جديداً وخطيراً في المواجهة المفتوحة. أكدت محاولة الاغتيال أن اضطرار الجماعات الإرهابية الى الانكفاء في بعض المراحل لا يعني انها غيرت برنامجها ولائحة الأهداف والدليل محاولتها العثور على ملاذات آمنة قرب السعودية. باكستان أيضاً ترتدي أهمية استثنائية في برنامج «القاعدة». على ارضها يتحدد مصير الحرب الدائرة في أفغانستان. زعزعة استقرار هذه الدولة الإسلامية النووية تنذر باطلاق أزمات غير مسبوقة. تفتح أيضاً فرصة اطلاق اشتباك مع الهند والهندوس. على دوي مثل هذه المواجهات تراهن قوى التطرف والتكفير على استقطاب أجيال جديدة. إننا في خضم حرب طويلة. يشن المتطرفون حرباً شاملة متعددة المسارح وعابرة للحدود. يجب الالتفات أيضاً الى اليمن والعراق والصومال وساحات أخرى. ان مواجهة هذه الحرب الشاملة تستدعي تعاوناً عربياً وإسلامياً ودولياً أعمق من القائم حالياً. تستدعي مواجهة أعمق في معركة الأفكار للتصدي لمنابع التطرف والتبريرات التي تغذيه والذرائع التي يتستر بها. ان المعركة أمنية وسياسية وثقافية وداخل الكتب والإعلام والأسرة. وهي معركة تستلزم وعياً شاملاً وإرادة صلبة وجرأة وإمكانات. ويخطئ كثيراً من يتوهم انه غير معني بهذه المعركة ونتائجها وانه يربح بفعل مهادنة التطرف وأفكاره والبحث له احياناً عن تبريرات. إن التذرع بوجود ظلم ما لا يمكن أن يبرر فتح بوابات الظلام.