أكدت دول الاتحاد الأوروبي دعمها المبادرة الأميركية الروسية والجهود الجارية من أجل عقد مؤتمر «جنيف 2» في شأن سورية، وحضت في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في بروكسيل أمس طرفي النزاع في سورية على المشاركة في الاجتماع للبحث في إيجاد حل سياسي، فيما استمر الخلاف بينها حول رفع حظر السلاح المفروض على سورية. وبحث الوزراء الأوروبيون خيارات عدة حول سبل تعديل نظام الحظر المفروض على الأسلحة بما يمكن الدول الأعضاء الراغبة في تسليح المعارضة من القيام بذلك، مع الحرص على الحفاظ على وحدة الموقف المشترك على رغم التباعد بين دوله، خصوصاً بين بريطانيا التي تريد رفع الحظر الآن والنمسا التي تهدد بأن أي رفع للحظر سيدفعها إلى سحب قواتها المرابطة في هضبة الجولان السوري المحتل. وشدد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ على «أهمية تعديل نظام حظر السلاح كي يتلقى نظام الأسد رسالة واضحة بأن عليه الجلوس إلى طاولة المفاوضات»، فيما اعتبرت دول مثل لوكسمبورغ وهولندا والنمسا والسويد رفع حظر السلاح انتهاكاً للقوانين الأوروبية التي تحظر من الناحية المبدئية تصدير السلاح إلى مناطق النزاعات. ورأى وزير الخارجية البريطاني أن «تعديل الحظر أحد أشكال دعم العمل الديبلوماسي الجاري» وحذر من جهة أخرى من «خطر انتشار السلاح في سورية واستمرار النزاع حيث يقود إلى زيادة التطرف والتشدد». وضم صوته إلى مواقف نظرائه الأوروبيين حول أهمية «جمع أطراف النزاع حول طاولة المفاوضات على أساس بيان جنيف العام الماضي من أجل تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة. وهو مسار صعب للغاية. لكن يجب علينا بذل المحاولة لأن البدائل سيئة. ويجب بذل ما في وسعنا من أجل تعزيز حظوظ نجاح المفاوضات». وكان هيغ صرح قبل بدء الاجتماع بأن «بريطانيا جاهزة لأي احتمال بما في ذلك أن يكون لكل دولة نظامها الخاص بالعقوبات». وقالت منسقة السياسة الخارجية كاثرين آشتون: «هناك مواقف وأدلة قوية من أجل رفع الحظر وأخرى تعارض هذا الخيار. ولكن هناك أيضاً رغبة حقيقية لدى الدول الأعضاء في الحفاظ على وحدة موقفها». وحذر وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن من أن «تؤدي الخلافات الأوروبية إلى انهيار نظام العقوبات، لأنه إذا تم ذلك فسيكون بمثابة الكارثة بالنسبة للسياسية الخارجية الأوروبية». وأكد نظيره البلجيكي ديديي ريندرس على «دعم الحوار السياسي الذي سينطلق في جنيف على أن تشارك فيها مختلف طوائف سورية». واعتبر أن «حزب الله يمثل خطراً بالنسبة للبنان ودول المنطقة ويجب التساؤل حول إمكان الفصل بين الجناح السياسي الذي يتواجد في الحكومة اللبنانية والمجموعات المسلحة الإرهابية العاملة في الميدان». وشدد وزير الخارجية البلجيكي، الذي تعارض بلاده رفع الحظر بالكامل، على أهمية «حفاظ الدول الأوروبية على موقف موحد إزاء مسألة رفع الحظر. وهناك هامش للتحرك وأيضا ضرورة إيجاد ضمانات كافية للتحكم في قنوات إمدادات السلاح». وفي المقابل شدد وزير خارجية النمسا ميخائيل سبينديغلير على وجوب «تقيد الاتحاد الأوروبي بالقوانين والمبادئ الأوروبية». وقال: «إن الاتحاد تجمع سلمي» وطالب بمواصلة نظام العقوبات ضد نظام الأسد وعدم تصدير السلاح للمعارضة. واقترح «البحث في إجراءات إضافية من أجل تعزيز حماية السكان المدنيين ودعم المعارضة من خلال رفع العقوبات المدنية. لكن لا مجال لرفع حظر السلاح. فأوروبا ليست طرفاً في النزاع ولا يمكنها تزويد أي طرف بالسلاح». وهدد وزير الخارجية النمسوي بأن «تغيير الموقف سيدفعنا إلى سحب القوات النمسوية المرابطة في الجولان. وستتخذ الحكومة النمسوية قراراً في ضوء الموقف الذي سيصدره الاتحاد الأوروبي. وآمل أن نجد حلاً وسطاً يمكننا من مواصلة مهمة القوات النمسوية في الجولان». وتعارض السويد وهولندا والنمسا وفنلندا وجمهورية التشيك خيار رفع حظر السلاح. وقال وزير الخارجية الهولندي فرانس تيميرمان، قبل بدء الاجتماع «هناك فرصة لإيجاد حل وسط، ولكن لا تزال المواقف متباعدة». ودعا وزير الخارجية الهولندي إلى «الحفاظ على نظام الحظر، إذ إن خيار رفعه لا يحظى بالإجماع في المجلس»، ودعم جهود نظيره الألماني غيدو ويستيرفيلي من أجل التوفيق بين مختلف المواقف. وقال إن «هناك حاجة لتعديل نظام الحظر إذ إن مواصلة الحظر ليست ممكنة ورفع الحظر كاملاً ليس ممكناً. ويجب البحث عن حل وسط يشجع الأطراف على الذهاب إلى جنيف»، لافتاً إلى «وجود كميات من الأسلحة بين أيدي الجماعات المتشددة». وتزامنت محادثات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي حول الأزمة السورية مع اجتماع ثنائي بين تركيا والاتحاد الأوروبي. وقال وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو إن «هناك حاجة لدعم الشعب السوري (...) والحؤول دون المجازر التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه باستخدام الأسلحة الثقيلة والطائرات والسلاح الكيماوي». وأضاف: «في ظل غياب موقف حازم من مجلس الأمن، فهناك على الأقل الحاجة إلى تمكين السوريين من وسائل الدفاع المشروع». وكان «الائتلاف الوطني السوري» المعارض حض مرة جديدة الاثنين الاتحاد الأوروبي على رفع الحظر المفروض على شحنات الأسلحة إلى المعارضة. وأعلن المتحدث باسم الائتلاف خالد الصالح أن «الشعب السوري يواصل المطالبة بأسلحة لحماية نفسه، وخصوصاً لحماية نفسه. آمل وأرجو أن يتفهم الوزراء الذين يجتمعون في بروكسيل ذلك». وقال الصالح: «أمس، استخدم النظام أسلحة كيماوية في عدة مدن. إنه يتقدم في القصير ويتقدم أيضاً في ريف دمشق، نحن على شفا كارثة». وأضاف المتحدث باسم الائتلاف «أن من مسؤولية الاتحاد الأوروبي أن يتخذ قراراً بالفعل. إنها لحظة الحقيقة التي ننتظرها منذ أشهر. دعوا السياسيين جانباً، فكروا في السوريين».