كثيرة هي المشاعر التي ترافقنا في زلات لحظاتنا. حياتنا قنبلة موقوتة صامتة متفجرة متألقة منهارة في لحظات الميلاد الأولى المتجددة وفي لحظات الوفاة الأبدية المتكررة في كل رشفة قهوة نحتسيها بين الإشراق والغروب. سيجارتي التي لم أشعلها ولن أشعلها خوفاً من الاحتراق الذي قد يرافقني نحو العد التنازلي نحو النهاية. ما زلت أعيش التألق الممزوج بنشوة البقاء، هو ذاته الغرور المدفون في نفس مبدعة محطمة تبحث عن حيز ما في مكان من الكون، تتنقل كما الفراشة، تنظر، تستبصر، تحاول الدخول في عنق الزهرة، تشمها، تتذوقها، وللحظة تخرج وكأنها لم تدخل، كما السارق الذي يسرق العليق باحثاً عن الورد. وحين يأتي الليل إلى غرفتي أبدأ بالبحث عن النوم في ريش وسادتي. أعد العشرة لأفيق على كلماتي هذه حيث أستنشق الروح الميتة في أحلامي المأزومة والمبدعة، وأبدأ بسرد حكاياتي عبر كلماتي... خذوا روحكم وعانقوا روحي وحلقوا في كلماتها، كلمات الحب والعشق والحياة، آه على دقائق صمتي. كانت لحظة من العمر شكرت السرطان حينها. نعم شكرته لأنه صالحني مع ذاتي. اليوم طلقت الحالة الاستسلامية التي كبلتني واعتقلتني وغيبتني حيث كنت معتقلة إلى حد الصمت القاتل في مفاهيم العادات والتقاليد. لم تعد عائقاً أمامي. اليوم أنا بكياني ووجودي أحقق الانتصار على ذاتي. أصبح الجسد ملهماً والعينان براقتين والحياة متعة، وأصبحت الروح عاشقة والهواء حرية وفلسطين حضننا، وأصبح الاستقلال حلماً وأصبحت أنا وطناً. ما أجملني حين أرى عالمي وأجتاز الحدود. حين أقف صباح كل يوم أنظر إلى إشراقة الشمس تجعل حلمي أكبر. حين أداعب طفلَي وكأنني أراهما للحظة الأولى. لم يعد الاحتلال عائقاً، لقد تجاوزته، مع معاناته وقسوته. نعم أصبحت أقف على الحاجز وأرى جندي الاحتلال قزماً أمام عظمتي. أحياناً أعتقد أنني في مكان آخر من الحياة، ربما جسد يسير في أمكنة مختلفة، لكن روحي تتجول في مكان ما بعيداً من صغائر الأشياء. من قال إن الموت حقيقة ؟ إن الموت كذبة نعيشها لندفن أحلامنا بالخلود. من قال إن الحياة زائلة؟ الحياة شعلة تطفئها حين ترى الفناء أمامك. أستيقظ من نومي كل ليلة في ليل بيتي الحالك سوى من شعاع القمر الذي يخترق غرفتي. ومن دون أن أشعر أمسك هاتفي المحمول وأبدأ بالكتابة عليه أجمل مشاعري. وأفاجأ صباحاً حين أرى روحي تألقت بعشق ربما أخاف حينها على معشوقي منه ومنها. أحبك من قلب عذريتي التي سلبت، ومن نواة حريتي التي انتزعت. كنت أنت وما زلت عنوان حياة وممات. لا أصدقكم، هي لحظات الخوف على غير عادتها تشبعني أرقاً. أنام وأصحو على دقات قلبي تحن إلى هواك وإلى لمسات يديك وإلى أنفاسك وهي تعزف سمفونية حبك "دو ري مي" عشقاً متأججاً. تسحرني تؤججني تلهبني شوقاً في لحظة اللقاء. تؤججني تفاصيل الأشياء. لا تسألوني لماذا وكيف ومتى وكل مفاتيح التساؤلات. نمتلك الحقيقة المطلقة ونعيشها بشعار بقائنا. الموت كذبة نعيشها لندفن أحلامنا بالخلود. يستغرب البعض حالتنا، لكن لا فائدة من العويل أو الصراخ على تجوالنا، فنحن هناك معهم ومعنا، نحن مع الأنا الصارخة في زمن الصمت.