وُصفت الفنانة اللبنانية سلوى روضة شقير بأنها رائدة الفن التجريدي في العالم العربي لكن أعمالها لم تنل اعترافاً دولياً إلا في وقت متأخر. يستضيف متحف تيت للفن الحديث في لندن معرضاً يضم ما يزيد على 100 من أعمال سلوى شقير بعضها يعرض للمرة الأولى. تحتل مكان الصدارة في معرض الفنانة أعمال نحتية متميزة يمكن عرض كل منها قائماً بذاته أو دمجها في قطعة فنية واحدة على غرار أبيات قصائد الشعر الصوفي. وذكرت جسيكا مورجان أمينة متحف تيت للفن الحديث أن أعمال سلوى روضة شقير أغفلت سابقاً إلى حد بعيد لأسباب كثيرة. وقالت: «سبب رئيسي بالتأكيد هو التجريد في أعمالها فلقد كان غير مألوف وغير متسق مع الاتجاه السائد في بيروت في ذلك الوقت لإيجاد لغة وطنية للحداثة تتصل اتصالاً وثيقاً بالطبيعة والتراث. ولكن أعمالها تشمل كل ذلك في واقع الأمر لاهتمامها بالعمارة الإسلامية وأشكالها وتركيباتها الهندسية وما إلى ذلك. لكن هذا لم يكن ليلقى اهتماماً آنذاك». ولدت الفنانة التشكيلية سلوى روضة شقير في بيروت عام 1916. وتمتد أعمالها المعروضة في متحف تيت بلندن عبر ستة عقود من السنوات ومنها أعمال أنتجتها خلال إقامتها في باريس التي امتدت ثلاث سنوات في أواخر الأربعينات. وواصلت سلوى عملها في بيروت خلال الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1975 و1990 لكن الصراع يكاد يغيب من أعمالها باستثناء لوحة مرسومة أصابتها أضرار جراء انفجار قنبلة. وقالت جسيكا مورجان: «الأمر الرائع في أعمال شقير هو التزامها الصارم بالمباديء التي حددتها في وقت مبكر جداً من حياتها الفنية فيما يخص الشكل التجريدي وتتعلق بالضوء والمساحة والشكل الهندسي والكثير من التراكيب الحسابية. ويكاد يغيب عن أعمالها أي تفاعل مع ما كان يحدث حولها. أعني أنه أمر استئنائي إلى حد ما لأني لا أكاد أعرف فناناً عمل في لبنان في ذلك الوقت ولم تكن أعماله عن الحرب». وذكرت جسيكا مورجان أن الصدفة كان لها الدور الأكبر في تعرفها على أعمال سلوى شقير خلال زيارة قامت بها لبيروت وأنها أدركت على الفور أنها وقعت على شيء استثنائي. وسرعان ما أدركت أمينة متحف تيت للفن الحديث خلال زيارة لشقة سلوى شقير السكنية في العاصمة اللبنانية أن المكان يضم كنزاً فريداً من الأعمال الفنية. وقالت جسيكا مورجان إنها قررت عندئذ ضرورة إلقاء الضوء على الفنانة اللبنانية ووضعها في مكانها الصحيح بين أقرانها المعاصرين مثل الفنان الفرنسي فرنان ليجيه. وأضافت: «أعتقد أننا سعينا لوضعها في مكانها الصحيح في تاريخ الفن الحديث كشخصية كبيرة في القرن العشرين». استلهمت سلوى شقير الأشكال الهندسية الإسلامية في أعمالها واهتمت بالعمارة والحساب والعلوم وكانت تتجول في شوارع القاهرة وتزور مساجدها بحثاً عن أفكار. وذكر الفنان اللبناني صالح بركات والذي يعد من أكبر المعجبين بأعمال سلوى شقير ومسيرتها الفنية أن نقطة التحول في حياة الفنانة كانت خلال دراستها بالجامعة. وأكد بركات أن معرض أعمال سلوى روضة شقير بمتحف تيت للفن الحديث في لندن أثار اهتمام متاحف وقاعات عالمية أخرى للمعارض الفنية الأمر الذي قد يكون بداية انطلاق جديد لأعمال الفنانة.