«حرية الصحافة في مصر إلى تراجع»، بهذه العبارة يمكن اختصار التقرير الأخير لمنظمة «فريدوم هاوس» في مسحها السنوي، إذ لاحظت تراجعاً في حرية الصحافة في مصر مقارنة بليبيا وتونس اللتين شهدتا تقدماً العام الماضي. ويكشف التقرير السنوي الذي يرصد مؤشر حرية الصحافة العالمية، أنه «فيما احتفظت دولتان من دول الربيع العربي، وهما ليبيا وتونس، بمكاسبهما الكبيرة مقارنة بالعام السابق، فإن مصر تراجعت إلى فئة غير الحرة». ووفق رئيس المنظمة ديفيد كرامر، فإن «التراجع الشامل هو مؤشر مزعج إلى حال الديموقراطية عالمياً، ويسلط الضوء على الحاجة إلى اليقظة في دفع الصحافة المستقلة وحمايتها». ويتزامن هذا التصنيف مع ما واجهه الإعلام المصري خلال العام الماضي من عقبات، سواء اعتداءات بدنية ولفظية أم تحطيم أدوات عملهم أم القبض والاحتجاز أم الملاحقات القضائية. ويصف فتحي عبد الستار، رئيس قسم الصفحات المتخصصة في جريدة «الحرية والعدالة» التابعة لحزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، التقارير الصادرة عن هيئات دولية ب «اللقيطة»، لأنها في رأيه «تتناول وقائع غير موجودة على أرض الواقع». ويقول: «هذه التقارير موجهة وفق وجهة نظر القائمين عليها لترسيخ مفاهيم بعينها لدى الناس». ويضيف: «من يرضون عنه يكون ممن يمارس الإعلام بحرية. أما المغضوب عليه فيوصف بالقمعي. وبالتالي، لا بد لكي نحكم على صدقية مثل تلك التقارير، من معرفة المعايير التي اعتُمدت لإصدار هذا التصنيف». وعن إشارة التقرير إلى تقدم ليبيا وتونس (على مصر) على رغم أن الوضع السياسي فيهما مشابه إلى حد ما للوضع في مصر، يقول: «من غير المنطقي الحكم على كل الدول العربية في شكل واحد. فمصر تختلف عن تونس وليبيا. إنها رمانة ميزان العالم العربي. من خلالها يتأثر العالم العربي سلباً أو إيجاباً. مصر تتمتع بهامش حرية كبير، فصحف المعارضة مستمرة في الصدور على رغم ما تنشره من مقالات ضد النظام والرئيس محمد مرسي». مع ... وضدّ ويرفض عبد الستار الاعتداء على أي صحافي، سواء كان موالياً أم معارضاً، معتبراً أن تلك الاعتداءات كانت بين أفراد، ولم يكن النظام طرفاً فيها. ويقول: «اليوم الذي شهد مقتل الصحافي الحسيني أبوضيف، قتل فيه 10 من الشباب المنتمين إلى جماعة «الإخوان المسلمين» أيضاً. وعلى رغم ذلك، لم يسلط الإعلام الضوء عليهم كما الحسيني. هل روح الصحافي مقدسة عن روح غيره؟». ويشدد عبد الستار على ضرورة التزام جميع الصحافيين بالمواثيق الإعلامية، لجهة تطبيق معايير الشرف والموضوعية والنزاهة. للسفير البريطاني في القاهرة جيمس وات رأي إيجابي في حرية الصحافة في مصر، معتبراً أنها تتمتع ب»درجة عالية من حرية التعبير»، وفق مدونة السفير الإلكترونية، لافتاً إلى أن الصحافة لا تتردد في «نشر أحكام وآراء قوية جداً». في المقابل، يدعو نائب رئيس تحرير صحيفة «اليوم السابع» وائل السمري إلى تناول كل المعلومات المتعلقة بحرية الصحافة في مصر في شكل موضوعي وبروح واحدة: «يجب مقارنة ما يكتب أو يذاع بما يحدث في الواقع». ويعتبر أن «تلك التقارير تحوي كثيراً من الصدق، بل قد يتعذر عليها الوصول إلى كل الحقيقة كما نراها نحن على أرض الواقع». ويرى أن «المشكلة الأساسية تكمن في التعامل مع الإعلام في مصر بعقلية انتقائية، لا بعقلية الباحث الذي يرى ويحلل... للخروج بنتيجة أقرب إلى الصواب. الحجر على الصحافة ليس الأزمة الوحيدة، بل محاولات إصباغ المجتمع بلون واحد هو المشكلة. وهذا أراه في الإبقاء على صلاح عبد المقصود وزيراً للإعلام، وتعيين علاء عبد العزيز وزيراً للثقافة، وتعيين يحيى حامد وزيراً للاستثمار، وهي الوزارة المخولة بإعطاء تصاريح لإطلاق وعمل القنوات الفضائية. كل ذلك يعطي إشارات إلى أن القبضة على حرية الإعلام ستكون أكثر إحكاماً خلال الأيام المقبلة». ويعترف السمري بأن «عدداً كبيراً من الإعلاميين لا يراعون أصول المهنة، ويخرجون أحياناً على النص»، مطالباً نقابة الصحافيين بتطبيق عقوبات صارمة وغرامات على أي جريدة أو صحافي يخالف أصول المهنة. لكنه يرفض، في المقابل، حبس الصحافيين وكتاب الرأي.