استبعدت جهات سياسية في العراق دخول الإدارة الأميركية بكل ثقلها على خط الأزمة القائمة في البلاد، واتفقت على أن «الدور الأميركي لم يعد مؤثراً» على رغم العلاقات الجيدة لبعض الأحزاب مع واشنطن. إلى ذلك، أكدت مصادر مطلعة أن مستشار وزير الخارجية الأميركية بريت ماكورك بدأ يتصل بأطراف النزاع لحضهم على الحوار. وكان البيت الأبيض أعلن أمس تفاصيل الاتصالات التي أجراها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن مع القادة العراقيين خلال اليومين الماضيين. وجاء في بيان ان «بايدن اكد دعم واشنطن لحكومة نوري المالكي في معركته ضد الإرهاب»، وأضاف أن «ذلك جاء في اتصال هاتفي أجراه بايدن مع المالكي. عبر خلاله عن دعم الولاياتالمتحدة للعراق في تصديه للإرهاب»، لكنه حض المالكي على التواصل مع كل الأطراف السياسية في البلاد. وتطرق البيان إلى اتصال بايدن برئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني الخميس الماضي، مشيداً بقرار الوزراء والنواب الأكراد وقف مقاطعتهم للحكومة المركزية، واستئنافهم العمل في بغداد. كما عبر بايدن لرئيس البرلمان أسامة النجيفي عن القلق من الوضع الأمني، مؤكداً «ضرورة أن يتخلى القادة العراقيون عن العنف وأن يعملوا على تهميش المتطرفين». وأفادت مصادر مطلعة «الحياة» أن « ماكورك الذي عين مؤخراً مستشاراً أول لوزير الخارجية لشؤون العراق، يتصل بكبار المسؤولين لعرض مبادرة من محورين:التهدئة الفورية للخطابات المتشنجة والتصعيد الإعلامي، والمحور الثاني يتعلق بترتيب حوارات مباشرة بين المالكي وقادة المعارضة». يذكر أن ماكورك عمل في بغداد بين 2005 و2009 مستشاراً للسفيرين راين كروكر وكريستوفر هيل، وقبل ذلك كان مستشاراً للشؤون الدولية في مجلس العلاقات الخارجية وفي مجلس الأمن القومي. ورشح ماكورك لمنصب السفير لدى العراق صيف 2012 قبل تعيين السفير الحالي ستيفن بيكروفت، إلا أنه استبعد من المنصب بسبب فضيحة نجمت عن علاقة غرامية أقامها مع صحافية أميركية خارج زواجه، كما لاقى ترشيحه اعتراضات شديدة من «القائمة العراقية» بزعامة أياد علاوي الذي اتهمه بأنه متعاطف مع رئيس الحكومة وسياسته، وقدم اعتراضاً رسمياً إلى الكونغرس على ترشيحه. لكن القيادي في «ائتلاف دولة القانون» الذي يتزعمه المالكي إحسان العوادي، استبعد أن تؤثر هذه التدخلات الأميركية في تغيير مواقف الكتل السياسية، وقال ل «الحياة» إن «تأثير الجانب الأميركي لم يعد كما في السابق، خصوصاً أن معظم الأطراف السياسية ترى مصالحها الآن بعيدة من مصالح الولاياتالمتحدة في العراق». وأضاف أن «دخول واشنطن على خط الأزمة إذا كان يهدف إلى جمع الفرقاء السياسيين فهو مرحب به، كما نرحب بباقي المبادرات التي تدعو إلى الحوار». وأوضح العوادي أن «كل الأحزاب العراقية تمتلك علاقات مع الإدارة الأميركية بما فيها أحزاب القائمة العراقية التي تدعي رفض التدخل الخارجي، لأنه سيكون في صالح رئيس الوزراء». ونفى عضو «دولة القانون» بشدة أن يكون الموقف الأميركي إلى جانب المالكي. أما النائب عن «القائمة العراقية» جابر الجابري، فقال ل «الحياة» إن «الإدارة الأميركية لا تريد التدخل في الشأن العراقي منذ ان سحبت قواتها نهاية عام 2011. لربما كانت مرتاحة إلى الأوضاع التي يمر بها العراق وهي تريد استمرارها»، مشيراً إلى وجود تناقض في موقف واشنطن. وأضاف أن بايدن منزعج من حكومة المالكي، لكن مستشار وزير الخارجية (ماكورك) متعاطف معه. يذكر أن وزير الخارجية العراقية هوشيار زيباري (كردي) أكد قبل أيام في لقاء متلفز، أن ما تفتقده بلاده حالياً هو «مساعدة وسيط نزيه»، مشيراً إلى أن «ذلك الوسيط كان في السابق الولاياتالمتحدة».