أطياف المبتعثين، وتنوع تخصصاتهم، وكذلك خريجو الجامعات المحلية، ومخرجات التعليم العام، لابد من مواكبتها جميعاً للتنوع الطبيعي في بيئة البلاد للأعمال والأشغال والحرف والمهن، مع تحويل كل منها إلى عمل مؤسساتي مضمون فيه حق العامل في الأجر الصحيح والتأمينات والسكن، مثلما هو حاصل في الأمم الأخرى. تنوع السلسلة الطبيعية لحاجات الإنسان يقتضي ممارسة المواطن لكل الحرف والمهن الطبيعية، ومزاولته الأعمال والأشغال كافة التي لا تنتهي في حياة الإنسان، فلا توجد مهن وحرف وأشغال ينظر إليها بدونية! فالأشغال العامة تتطلب الحفر والتمديدات للكيبلات والمواسير، وتمهيد ورصف الطرق والشوارع، وصب الخرسانة، وأعمال الحديد والنجارة، وبناء الطوب، والتلييس، والتبليط، والدهان، والسباكة، والتسليك الكهربائي، والتشطيبات، وإلى آخر القائمة. كلها مهن وحرف وأعمال لا تنتهي، وتستمر مع استمرار حياة البشر، فلا يعقل تركها جميعاً للمستقدمين والوافدين، ما شجع ذلك على التخلف والمخالفة والهروب والتسلل، إذ وجدوا بيئة خصبة للحصول على تلك الأعمال والأشغال، وذلك لغياب المواطن غياباً تاماً عنها، بل بعض مؤسسات وشركات (الباطن) تقوم بتشغيل المخالفين، على رغم عدم أهليتهم، فهم غير مدربين أصلاً وليست لديهم أية خبرة أو موهبة في هذا المجال أو ذاك، ومع ذلك يقوم الكثيرون بتشغيلهم على رغم رداءة تنفيذهم، بل وضررهم الضرر البليغ، وذلك لغياب البدائل الصحيحة. الآن تم إعطاء المخالفين الفرصة لتصحيح أوضاعهم، ولابد من استمرار الحملة بطريقة عملية ومتواصلة إلى ما لا نهاية! ولكي تتمكن الجهات المعنية من القضاء قضاء مبرماً على تسيب العمالة ومخالفاتها الكثيرة، لابد من تعاون المواطنين التعاون التام، وهنا يأتي دور التطوع والمتطوعين، لابد من إسهام المواطنين متطوعين جنباً إلى جنب وزارتي الداخلية والعمل وغيرهما من الجهات المعنية، وأن يكون التطوع عملاً مؤسساتياً، وذلك بإنشاء مكاتب أهلية (بإشراف رسمي) وتسجيل المتطوعين للإسهام في الحملة، وكذلك رجال هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لهم دور كبير في هذا الشأن، فبجانب أدوارهم المشكورة في النهي عن المنكر بأنواعه كافة، والأمر بالمعروف في كل المجالات، لابد من مشاركتهم في الحملة لتصحيح أوضاع المخالفين والمتسللين وأمثالهم، فبجانب مرورهم على المحال للتأكد من قفلها للصلاة، يستطيعون التأكد من قانونية الموجودين في المحال وإقامتهم النظامية، وأي شخص متوقف خارج المحال، أو عابر سبيل، بمطالبته بأوراقه الثبوتية، والقيام باللازم. والمتطوعون، لابد من منحهم بطاقات إثبات، بحيث يبرزها للوافد إذا طالبه بذلك، ومع ترحيل آخر وافد مخالف، لابد من تسلم المواطن راية العمل الوطني! فقد تم بناء المسجد النبوي بعد الهجرة إلى المدينةالمنورة بسواعد الصحابة الأجلاء، على رغم عدم وجود آليات كما هي الآن! شذبوا جذوع النخل بالمناشير اليدوية لرفع الأسقف، نقلوا الحجارة والطين لبناء الجدران، وأكملوا البناء من دون استقدام أي عامل! فلنتأسى بالصحابة الكرام، ونقوم بأعمالنا بأنفسنا، فالشاب السعودي لن يستنكف العمل في كل المجالات طالما ضمن حقه في عمل مؤسساتي وراتب مجزٍ وتأمين في التأمينات مثل كل شعوب الأرض. الوظائف المكتبية، والانخراط في أجهزة الأمن والقطاعات المماثلة كافة، تشكل 30 في المئة فقط من مجالات توظيف المواطنين، وال 70 في المئة هي الأعمال والأشغال والحرف والمهن المختلفة كافة، تركناها للوافدين، بسبب طفرة البترول! والبترول لا محالة ناضب عاجلاً أم آجلاً، آن الأوان لنمسك بزمام الأمور، ويشتغل كل مواطن بما تيسر له «كل مخلوق ميسّرٌ لما خُلق له»، وليس الجميع ميسّرين للوظائف المكتبية وغيرها التي يرغب بها الكثيرون. آن الأوان كى نعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، ولنتعاون جميعاً مع الحكومة في تصحيح أوضاع المخالفين والهاربين والمتخلفين والمتسللين، ونستفيد نحن من تلك البلايين الهاربة، ونقوم بأشغالنا بأنفسنا، وبالصورة الصحيحة. [email protected]