بعد فتور استمر سنوات بدأت السلطة الكويتية عبر قياديين في الأسرة الحاكمة تمد يدها نحو القبائل التي يمثل مجموع أفرادها نحو نصف عدد المواطنين. ونشطت في الآونة الأخيرة اتصالات وزيارات أقطاب في الأسرة لشيوخ القبائل في مسعى لتنشيط العلاقات وكسب هذه الشريحة الاجتماعية الكبيرة التي باتت تلعب دوراً أساسياً في الحراك المعارض. وأعلن أمس أن أمير قبيلة العوازم الشيخ فلاح بن جامع، وهي اكثر القبائل عدداً في الكويت، وجه «دعوة عامة إلى أبناء الشعب الكويتي لحضور عشاء على شرف أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد مساء الاثنين المقبل» ولا بد ان هذه المناسبة رتبت بمعرفة الديوان الأميري. وكان العوازم قاطعوا انتخابات مجلس الأمة (البرلمان) التي جرت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي بتوجيه من شيخهم ابن جامع تضامنا ودعماً للمعارضة السياسية وأدى ذلك إلى خلو البرلمان من أي نائب من العوازم بعدما كانوا يشغلون فيه سبعة مقاعد من اصل خمسين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى قبيلة مطير، وهي الثانية لجهة العدد بين الناخبين الكويتيين، وقدرت الحكومة حجم الإقبال على الاقتراع بنحو 40 في المئة لكن المعارضة تقول إن النسبة لم تتجاوز 27 في المئة وجاءت المقاطعة القوية من ناخبي القبائل. وسبق لابن جامع أن حضر واستضاف منتديات للمعارضة قدم خلالها الدعم إلى المعارضين في سابقة في الأعراف السياسية في الكويت، إذ جرت العادة أن ينأى شيوخ القبائل بأنفسهم عن المجموعات السياسية المختلفة ويحصروا علاقتهم بالسلطة، لكن ابن جامع رفض في الآونة الأخيرة مطالب المعارضة ب «إمارة دستورية» و»حكومة منتخبة»، ويتردد أن السلطة، ربما تسعى إلى إقناعه - و قبليين آخرين - بعدم مساندة المعارضة في رفضها أي انتخابات ما لم يتم إبطال «مرسوم الصوت الواحد» الذي غير بموجبه الأمير قانون الانتخاب في أيلول (سبتمبر) الماضي. ويقول مراقبون إن أقطاباً سعت إلى الاتصال بامتدادات خارجية لقبائل الكويت، خصوصاً في دول خليجية، من أجل تليين موقف بعض رموزها المحلية وأن «حكومات» شقيقة قدمت دعماً في هذا المجال. وتنتظر الساحة السياسية الكويتية باهتمام بالغ قرار المحكمة الدستورية في 16 حزيران (يونيو) المقبل في الطعن ب «مرسوم الصوت الواحد» وتخشى المعارضة من أن يصدر قرار يحصن المرسوم قضائياً، ويفتح المجال لانتخابات جديدة تنهي فيها القبائل - كلياً أو جزئياً - مقاطعتها الانتخابات ما يشكل انتكاسة كبيرة للمعارضة. ويقلق المعارضة أن السلطة حققت تقدماً في هذا المجال في إطار التيار الليبرالي وكتلة التجار التي كانت قاطعت الانتخابات الأخيرة وبعض السلفيين المحسوبين على «جمعية إحياء التراث الإسلامي» الأمر الذي يفكك المقاطعة في أي انتخابات مقبلة، لكن المعارضة تأمل باستمرار دعمها من مثقفي القبائل ومن جيل الشباب القبلي الذي بات يتجاوز حاجز الحساسيات الاجتماعية. وشكل شباب القبائل خلال أنشطة وتظاهرات ومسيرات المعارض التي تخللها الكثير من المواجهات والعنف والاعتقالات النسبة العظمى من المشاركين، خصوصاً بعد تبني الحكومة عناصر موالية لها تجاهر بخطاب معاد للقبائل مثل النائب السابق محمد الجويل الذي انشأ قناة تلفزيونية خاصة لهذا الغرض وأغلقت في ما بعد، وقد حوكم ودين أخيراً وعوقب بالسجن على إساءاته لقبيلة مطير لكن المعارضة تقول إن السلطة غير جادة في تنفيذ العقوبة وإنها «ما زالت تتبنى أمثاله» . وتتناقل المعارضة معلومات أن خصمها رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الذي اجبره الحراك المعارض على الاستقالة في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 بدأ ينشط سياسياً لتأهيل نفسه للعودة إلى هذا المنصب أو إلى «منصب أكبر» عبر البوابة القبلية، إذ بدأت ديوانيات عدد من شيوخ القبائل تستقبله في حفلات تتضمن تغطية إعلامية كبيرة و»قصائد مديح» تلقى بين يديه. وعندما خصص الإعلامي محمد الوشيحي، وهو من قبيلة العجمان، برنامجه التلفزيوني في قناة «اليوم» لانتقاد هذه الزيارات والقصائد الشعرية التي رأى أنها «غير مجانية» صدر قرار من وزارة الإعلام بوقف برنامجه.