تسعى الصين إلى «بناء الثقة» مع الهند، لذا تندرج زيارة رئيس الوزراء لي كيكيانغ نيودلهي في هذا الإطار، في رحلة خارجية هي الأولى له منذ توليه منصبه. وأوضح أن اختيار الهند لبدء جولته «يشير إلى الأهمية الحاسمة التي تعلقها بكين على علاقاتها» مع الدولة المجاورة. وأعلن «في مبادرة تصالحية» وفق ما أوردت صحيفة «ذا هيندو» في مقال أمس، إمكان أن «يصبح الاقتصادان الناشئان العملاقان قاطرة جديدة للنمو العالمي». وتأتي زيارة لي بعد أسابيع من مواجهة عسكرية بين الهند والصين، بسبب خلاف حدودي في منطقة جبال الهمالايا غير المرسّمة جيداً. والخلاف قائم حول مناطق شاسعة على طول الحدود بينهما، الممتدة على 4 آلاف كيلومتر، وخاضتا بسببها حرباً قصيرة لكن دامية قبل 50 عاماً. وتعهدت الدولتان ضمان «السلام والهدوء» على طول حدودهما المشتركة، إذ أكد رئيس وزراء الهند مانموهان سينغ، لقاء «ممثلينا الخاصين قريباً لمواصلة المحادثات الهادفة إلى التوصل لاتفاق سريع» حول ترسيم الأراضي، يكون «عادلاً ومعقولاً ومقبولاً من الطرفين». وأكد لي في كلمة مرتجلة بعد مراسم الاستقبال الرسمية في قصر الرئاسة الهندي أمس، وهو يقف إلى جوار نظيره، الرغبة في «بناء الثقة وتعزيز التعاون». واعتبر أن السلام العالمي والاستقرار الإقليمي «لن يصبحا واقعاً من دون ثقة استراتيجية بين الهند والصين، كما لن تكون التنمية والرخاء واقعاً في العالم من دون التعاون والتنمية المتزامنة في الصين والهند». وحضّ سينغ نظيرة الصيني على «بذل جهد أكبر لمعالجة الخلل في الميزان التجاري»، مشيراً إلى أن العجز في تجارة الهند مع الصين «بلغ 29 بليون دولار، في وقت تسجل المعاملات الجارية في الهند عجزاً قياسياً». وحدّد لي، في لقاء صحافي في نيودلهي بعد جلسة محادثات مع نظيره الهندي، أهدافاً ثلاثة لزيارته، تتمثل في «الثقة المتبادلة وتعزيز التعاون والتطلع إلى المستقبل». وقال «يمكن التشجيع على علاقات سليمة، على أساس تفاهم متبادل»، لافتاً إلى أن «هذا الأمر سيعود بفائدة فعلية على آسيا والعالم». وتشمل زيارة لي العاصمة الاقتصادية والمالية بومباي. وباتت الصين الشريك التجاري الثاني للهند، إذ أعلن نائب وزير التجارة الصيني جيانغ ياوبينغ، أن «حجم التبادل بلغ 66.5 بليون دولار العام الماضي»، موضحاً أن «الهدف هو رفعه إلى مئة بليون عام 2015». وعلى سبيل المقارنة، سجل التبادل بين الصين والاتحاد الأوروبي 546 بليون دولار العام الماضي. وبعد الهند يزور لي باكستان وسويسرا وألمانيا، وهو يحمل رسالة تفيد برغبة الصين في «انفتاح أكبر في علاقاتها الخارجية، وعدم النظر إليها كتهديد». وستركز أهداف زياراته لهذه الدول على الشأن الاقتصادي.