دخلت اليونان السنة السادسة من الانكماش، استناداً إلى المؤشرات الصادرة، مع «بعض التفاؤل الحذر في شأن مستقبل الاقتصاد»، على رغم الأرقام القياسية للبطالة وتراجع الاستهلاك نتيجة خفض الأجور وزيادة الضرائب. وفي خطوة نادرة، رفعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني درجة اليونان، مسجلة «تقدماً واضحاً» في خفض عجز الموازنة. وحسّنت أثينا علاقاتها مع الدائنين المشككين في قدرتها على تسديد ديونها في الأشهر الأخيرة، ما أتاح لها الحصول على مزيد من الأموال من منطقة اليورو، في مقابل مواصلة خطة الإصلاحات. وتساعد صناديق التحوط الأجنبية في إعادة رسملة مصارف اليونان، بعد أزمة العجز عن التسديد التي منيت بها الدولة العام الماضي. وبعد تأخير طويل، أُعيد إطلاق برنامج التخصيص، ما أفسح المجال أمام رئيس الوزراء أنتونيس ساماراس، للتوجه إلى الصين في زيارة تستغرق أربعة أيام سعياً إلى جذب استثمارات. وقال ساماراس في خطاب في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية في بكين: «اجتزنا حتى الآن أكثر من نصف المسافة على طريق العودة الحقيقية، وما كنت سأقف هنا لو أننا في اليونان أدرنا دفة السفينة». وأعلن أن «فوائد السندات اليونانية تراجعت نحو ثلثين بعدما بلغت مستوى قياسياً قبل سنة». وتُعتبر الفائدة على السندات الحكومية مؤشراً إلى مدى خطورة الاستثمار في بلد ما. وكانت اليونان وقعت عام 2008 مع مجموعة «كوسكو» الصينية للنقل البحري، اتفاقاً مدته 35 سنة لإدارة مرسيين للحاويات في مرفأ بيريوس أكبر المرافئ فيها، وتأمل في جذب اهتمام الصينيين لمشروع تخصيص مطار أثينا الدولي وبيع قطارات وعقارات. واعتبر ساماراس، أن المرافئ والمطارات والقطارات «يمكن أن تكون جزءاً من شبكة تجارية واسعة، تمتد خارج اليونان في الداخل الأوروبي». كما تأمل أثينا في بيع شركة توزيع الغاز الحكومية إلى مستثمرين روس وشركات توزيع المياه للفرنسيين. وكانت أثينا التزمت جمع 9.5 بليون يورو من مشاريع التخصيص بحلول عام 2016، في مقابل حصولها على قرضين من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد بقيمة 240 مليون يورو. وإلى جمع المال لخزينة الدولة، رأى المسؤولون اليونانيون أن التخصيص «ضروري لضخ أموال في الشركات وتنشيط النمو وخلق وظائف»، إذ ارتفع معدل البطالة إلى 27 في المئة وهو مستوى لم تشهده اليونان في تاريخها الحديث، مع معدل انتشار يفوق 64 في المئة بين الشباب. وأقرّ ساماراس بأن التقشف «يسبب معاناة اجتماعية لا يمكن تصورها ومشاكل مأسوية تمس التلاحم المجتمعي». وكانت أثينا تعهدت بموجب الاتفاق مع دائنيها إلغاء أربعة آلاف وظيفة في القطاع العام هذه السنة، و11 ألفاً عام 2014. وأصدرت حكومة ساماراس هذه السنة، ثلاثة مراسيم عاجلة في مواجهة إضرابات البحارين والعاملين في مجال النقل، والمعلمين. وتوقع المحلل لدى «ناتيكسيس»، جيسوس دل كاستيو، أن «تتحسن المؤشرات الاقتصادية ببطء»، لكن نبّه إلى «استمرار الأخطار الرئيسة لجهة الاستقرار السياسي وتطبيق الإصلاحات والهزات الخارجية». وأفادت هيئة الإحصاء الحكومية، بأن الاقتصاد اليوناني «انكمش بمعدل 5.3 في المئة في الربع الأول من العام الحالي على مدى السنة، في مقابل 6.7 في المئة في الفترة ذاتها من عام 2012». وأشارت التوقعات المتصلة بالناتج المحلي اليوناني في الربع الأول وتحسين تصنيف «فيتش»، إلى أن «الاقتصاد يغير اتجاهه». ولم ينفِ محللون لدى «كابيتال ايكونوميكس» في لندن، أن «التوقعات الاقتصادية المتصلة بخطة الإنقاذ مفرطة في تفاؤلها، ما يعني احتمال عودة ظهور الشكوك في الخطة».