تسعى المستشارة الألمانية أنغيلا مركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في قمة حاسمة تستضيفها برلين اليوم لمناقشة مستقبل اليونان في منطقة اليورو، إلى إبراز حال جبهة موحدة. وتتزامن هذه القمة مع طلب اليونان مزيداً من الوقت للقضاء على العجز في الموازنة عام 2016 وليس عام 2014. ويندرج لقاء المسؤولين في محور التحركات الديبلوماسية، التي يمكن أن تخرج بقرارات تقضي بتليين شروط التقشف المفروضة على اليونان في خطة الإنقاذ المالي. ويتوجب على اليونان، التي تشهد انكماشاً للعام الخامس، إجراء خفض جديد للنفقات بقيمة 11.5 بليون يورو باقتطاعات كبيرة في الموازنة وتطبيق إصلاحات بنيوية. لكن رئيس الوزراء اليوناني أنطونيس ساماراس، يسعى إلى الحصول على مهلة إضافية تصل إلى عامين، معتبراً أن طلب «مزيد من الوقت» يهدف إلى تطبيق الإصلاحات الهيكلية، وقال في مقابلة مع صحيفة «بليد» الألمانية، «كل ما نريد هو مزيد من الوقت لالتقاط أنفاسنا، كي نتمكن من النهوض بالاقتصاد وزيادة عائدات الدولة». واعتبر أن طلب «مزيد من الوقت لا يعني تلقائياً مزيداً من المال». وذكّر ساماراس، بجهود بذلتها اليونان والوضع الصعب الذي تواجهه، معلناً «تنفيذ كل ما يمكن القيام به بهدف تعويم البلاد خلال تطبيقنا الإصلاحات». وأضاف «لتكن الأمور واضحة، لا نطلب أموالاً إضافية»، مؤكداً «التزام تعهداتنا وتحقيق أهدافنا». وشدد على ضرورة أن «نطلق النمو لأن من شأنه أن يؤدي إلى تقليص العجز». واعتبر أن «القلق سيزداد بالنسبة إلى الدول الأخرى في حال سقطت اليونان الآن»، موضحاً أن أي خروج لليونان من منطقة اليورو سيكون «كارثة وسيعني ذلك خمس سنوات من التضخم الإضافي وتجاوز البطالة معدل 40 في المئة». وخلُص إلى أن ذلك «سيكون كابوساً لليونان، أي كارثة اقتصادية واضطرابات اجتماعية وأزمة ديموقراطية لا سابق لها». وكشف ساماراس، عن «تراجع مستوى حياة الفرد اليوناني في السنوات الثلاث الماضية بنسبة 35 في المئة»، ورأى أن «أي عودة إلى الدراخما (العملة اليونانية القديمة)، سيعني فوراً انخفاض قيمتها 70 في المئة على الأقل». وسأل: «أي مجتمع وأي ديموقراطية يمكن أن يعيشا مع هذا الأمر؟». ويلتقي سامراس غداً مركل في برلين، وهولاند بعد غد السبت في باريس، بعدما التقى أمس رئيس مجموعة اليورو (يوروغروب) جان كلود يونكر. يُذكر أن ألمانيا ترفض حالياً إعادة التفاوض في شأن خطة المساعدة، واكتفت بإعلانها «عدم اتخاذ أي قرار قبل نشر تقرير ترويكا الدائنين (الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي)». وهذا التقرير المتوقع صدوره في أيلول (سبتمبر) المقبل، سيقوّم التقدم المحقق في تطبيق الإصلاحات، والذي يتوقف عليه صرف مساعدة إضافية لأثينا بقيمة 31.5 بليون يورو. فيما موقف فرنسا هو أقل تشدداً من الموقف الألماني. وتعوّل اليونان على الحصول على أموال إضافية، لأن من دونها ستعجز الحكومة عن التسديد، واعتبر محللون أن عجزها عن التسديد «يعني خروجها من منطقة اليورو». وأوضحت الباحثة في المعهد الألماني للعلاقات الخارجية كلير دمسماي، أن «النهج الألماني ليس محدداً بعد، ولا يزال مجال المناورة بسيطاً». وافترضت أن يبدي هولاند مرونة أكبر من السابق، «بما أنه حصل على معاهدة النمو التي كان يريدها، ونجح في طي صفحة شراكة مركل - ساركوزي». وأشارت الباحثة في مجلس أوروبا للعلاقات الخارجية أولريك غيرو في تصريح إلى وكالة «فرانس برس»، إلى أن الأسواق «تريد معرفة الموقف الفرنسي، إذا كان ذاته كما في برلين». لذا، هي «تتابع اللقاء بين هولاند ومركل عن كثب». ورأت دمسماي، أن الجدول الزمني لزيارات ساماراس «ليس من باب الصدفة»، موضحة أن «هدف هولاند ومركل هو مناقشة المرونة في مقابل الضمانات، وعلى كل واحد إعادة تموضعه للتوصل إلى نهج مشترك بعد عطلة الصيف قبل زيارة رئيس الوزراء اليوناني». وكان الناطق باسم الحكومة الألمانية ستيفن سايبرت رأى ضرورة «عدم توقع اتخاذ قرارات حاسمة (خلال المحادثات)». فيما أكدت مصادر في باريس، «ضرورة التوصل إلى توافق خلال القمة حول الاستحقاقات والرهانات في اليونان وبقية الدول الأعضاء في منطقة اليورو». وشددت على أهمية «الاستماع إلى ما سيقوله ساماراس وتعهده بالتزام وعوده».