تتجه أسعار العقارات في المغرب نحو الاستقرار معلنة نهاية فترة الطفرة التي امتدت خلال السنوات الماضية، وذلك نتيجة تراخي الأداء الاقتصادي بسبب الأزمة وتزايد حالات التردد في اقتناء مساكن جديدة، ما قلص سوق العقار ثمانية في المئة خلال الربع الأول من السنة. وأفاد تقرير مشترك ل «المصرف المركزي» و «الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية» بأن سوق العقار شهد انكماشاً في الأشهر الأولى من السنة واقتصرت عمليات الشراء على 26 ألف منزل، وهي أضعف نسبة منذ العام 2008. وتراجع الطلب على الشقق 6.3 في المئة منذ مطلع السنة وبيعت نحو 17 ألف وحدة فقط. وأبدى مطورون عقاريون مخاوف من استمرار تراجع الطلب خلال النصف الثاني من السنة، ما قد يؤثر سلباً في أسعار الشقق التي لم تنمُ إلا 1.4 في المئة، في حين تراجعت أسعار الفيلات والمنازل التقليدية 1.7 في المئة. ويبني المغرب نحو 120 ألف شقة سنوياً للتغلب على العجز في المساكن الذي يتجاوز 700 ألف وحدة، في حين تنفق الأسر ثلث دخلها على السكن الذي يعتبر تحدياً كبيراً للشباب والعاطلين من العمل. وتقدر القروض العقارية المستحقة على الأسر بنحو 225 بليون درهم (26 بليون دولار)، أي نحو ثلث إجمالي القروض المصرفية البالغ 702 بليون. ولفت التقرير إلى أن استقرار الأسعار شمل كل أنواع العقارات السكنية والتجارية والأراضي المعدّة للبناء، وسجل الطلب على العقارات الراقية تراجعاً بلغ 21 في المئة، ما قلص أسعارها نحو خمسة في المئة في المتوسط، وراوح الانخفاض بين سبعة في المئة في الدارالبيضاء واثنين في المئة في مراكش. وتراجعت أسعار الأراضي 1.8 في المئة بعدما كانت ارتفعت 2.6 في المئة خلال الربع الأخير من العام الماضي، كما انخفض الطلب ثمانية في المئة. ويحتل قطاع البناء المركز الثالث لجهة عدد العمال، بعد الصناعة والزراعة، بحوالى مليون عامل، ويمثل نحو سبعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتقدر استثماراته السنوية بنحو 60 بليون درهم. وأشار محللون إلى أن الأزمة الاقتصادية والمالية التي تهدد المغرب قد تكون من الأسباب المباشرة لتراجع الطلب على العقار، خصوصاً من جانب المغتربين في دول الاتحاد الأوروبي المتضررين من الأزمة. وتقلص الطلب من جانب السياح والمتقاعدين الأوروبيين الذين يفضلون اقتناء منازل ثانوية في بعض مدن المغرب، خصوصاً مراكش والصويرة وأغادير وطنجة. وأظهر استطلاع رأي أجرته المندوبية السامية في التخطيط أن ثلثي السكان يفضلون حالياً إرجاء شراء عقار أو تملّك شقة إلى العام المقبل في انتظار اتضاح الرؤية الاقتصادية والوضع السياسي، والخطوات التي تعتزم الحكومة اتخاذها في بعض المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ومنها معدلات الضرائب، ما يزيد من حالات التردد والانتظار. وينعكس الخلاف السياسي بين الأحزاب المشاركة في الحكومة على الوضع الاقتصادي الهش، خصوصاً بعد إعلان «حزب الاستقلال» الانسحاب من الحكومة، ورفض أحزاب المعارضة، أي الاشتراكية والليبرالية، المشاركة في حكومة «العدالة والتنمية» ذات المرجعية الإسلامية.