انتعش الطلب على قطاع العقار في المغرب مدعوماً بنمو الاقتصاد بنسبة خمسة في المئة، وتحسن الأجور، وعودة المهاجرين لقضاء العطل الصيفية، وتنوع عروض السكن، ما دفع أسعار الشقق والمنازل إلى تسجيل ارتفاع جديد في قيمتها بلغ 3 في المئة في المتوسط في النصف الأول من السنة، وفق مؤشر أسعار الأصول العقارية «أي باي». وقدّرت مصادر وزارة الإسكان، عدد المشاريع المنجزة أو قيد البناء ب 192 ألف وحدة جديدة خلال العام الجاري، تغطي مناطق المغرب، وتنفّذ شركات خاصة محلية وأجنبية 80 في المئة منها. وتشمل أساساً الشقق الاقتصادية التي يزداد الطلب عليها، بسبب العجز في المنازل ذات الكلفة المنخفضة التي لا تتجاوز قيمتها 290 ألف درهم (نحو 36 ألف دولار) مع احتساب الرسوم. وأفادت المصادر بأن 151 ألف شقة بُنيت بين الربع الأول من عام 2010 والربع الأول من هذه السنة، ما رفع قيمة القروض المصرفية من 182 بليون درهم إلى 198 بليوناً. وساعد قطاع العقار على تأمين 82 ألف فرصة عمل، واستهلاك 15 مليون طن من الاسمنت عام 2010، وارتفع الحجم الى 8.6 مليون طن من الاسمنت في النصف الأول من العام الجاري. وكانت أسعار الشقق ارتفعت بدورها بنسبة 1.7 في المئة في الربع الأول من العام الجاري، بسبب اختلال العرض والطلب الذي يفوق 700 ألف وحدة خصوصاً في المدن الكبرى مثل الدارالبيضاء والرباط وفاس وأغادير وطنجة ومراكش. واستغلت شركات العقار شهر رمضان وفترة الصيف للترويج لمشاريعها، مستهدفة فئة الشباب والنساء والمهاجرين في أوروبا والأسر المتوسطة الدخل. ولوحظت زيادة عدد الأسر المغتربة التي تفضل اقتناء شقق أو منازل ثانوية لقضاء العطلة، أو الاستثمار بفعل استمرار ارتفاع الأسعار. ولم يستبعد محللون أن تسجل الأسعار مزيداً من الارتفاع نتيجة طلب الأسر الجديدة والمهاجرين، وحاجة المغرب إلى آلاف الشقق للقضاء على السكن العشوائي في ضواحي المدن الكبرى. وأشارت الإحصاءات، إلى أن الأسر المغربية تملك مساكنها بنسبة 68 في المئة ما يجعلها من اكبر النسب في شمال أفريقيا مستفيدة من تدفق الاستثمارات في قطاع العقار الذي استقطب نحو 114 بليون درهم في خمس سنوات، ومن تسهيلات المصارف وانخفاض معدلات الفائدة المقدرة بما بين 5 و 6.5 في المئة في المتوسط. لكن لا يزال نحو مليون شخص يعيشون في أكواخ ومنازل من الصفيح، وتمكن المغرب من القضاء عليها في 43 مدينة من أصل 80 في إطار برنامج «مدن من دون صفيح» التي يرعاها الملك محمد السادس شخصياً. وبلغت النسبة 58 في المئة في الدارالبيضاء اكبر مدن المغرب، حيث تتواجد أحياء تعود إلى فترة الانتداب الفرنسي. ورأى محللون، أن تحسن الأجور بعد الحوار الاجتماعي مع الحكومة (الربيع العربي)، وعودة الثقة أنعشا القطاع العقاري. لكن لم يشهد العقار الراقي والفيللات الثانوية والمنازل الأندلسية (الرياض) الانتعاش ذاته في بقية المساكن. وخسرت تلك المنازل 20 في المئة من قيمتها قبل ثلاث سنوات ومعظمها في مراكش وطنجة أو السعيدية على البحر الأبيض المتوسط، ما دفع بعض المطورين الى وقف مشاريعهم مثل مجموعة «إعمار» الإماراتية و «فاديسا» الإسبانية المتضررتين من الأزمة، أو التوجه إلى إنتاج العقار المتوسط الذي تتراوح أسعاره بين مليون درهم و3 ملايين. وتميل التحليلات إلى «توقع عودة الطلب على العقار الغالي في ظل تحسن الأوضاع الاقتصادية لفئات واسعة من الطبقات المتوسطة والغنية الراغبة في منازل بمواصفات عالية. وربما يكون انضمام المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي حافزاً على زيادة الطلب على هذه العقارات، يعززها الاستقرار السياسي والاجتماعي في المغرب في منطقة غير واضحة الآفاق.